الجانبين عند مفصل الساق والقدم، ففي كل رجل كعبان، لما روى النعمان بن بشير أنه (ص) قال: أقيموا صفوفكم، فرأيت الرجل منا يلصق منكبه بمنكب صاحبه وكعبه بكعبه. رواه البخاري. وفي وجه أن الكعب هو الذي فوق مشط القدم، وهو شاذ ضعيف. قال تعالى: * (وأرجلكم إلى الكعبين) * قرئ في وجه السبع بالنصب وبالجر عطفا على الوجوه لفظا في الأول، ومعنى في الثاني لجره على الجواز. ودل على دخول الكعبين في الغسل ما دل على دخول المرفقين فيه، وقد مر. وما أطلقه الأصحاب هنا من أن غسل الرجلين فرض محمول كما قاله الرافعي على غير لابس الخف أو على أن الأصل الغسل والمسح بدل عنه. ويجب إزالة ما في شقوق الرجلين من عين كشمع وحناء، قال الجويني: إن لم يصل إلى اللحم ويحمل على ما إذا كان في اللحم غور، أخذا مما مر عن المجموع. ولا أثر لدهن ذائب ولون حناء. ويجب إزالة ما تحت الأظفار من وسخ يمنع وصول الماء. ولو قطع بعض القدم وجب غسل الباقي، وإن قطع فوق الكعب فلا فرض عليه، ويستحب غسل الباقي كما مر في اليد. (السادس) من الفروض: (ترتيبه هكذا) أي كما ذكره من البداءة بغسل الوجه مقرونا بالنية ثم اليدين ثم مسح الرأس ثم غسل الرجلين، لفعله (ص) المبين للوضوء المأمور به، رواه مسلم وغيره، ولقوله في حجته: ابدأوا بما بدأ الله به رواه النسائي بإسناد صحيح. والعبرة بعموم اللفظ. ولأنه تعالى ذكر ممسوحا بين مغسولات، وتفريق المتجانس لا ترتكبه العرب إلا لفائدة، وهي هنا وجوب الترتيب لا ندبه بقرينة الامر في الخبر، ولان الآية بيان للوضوء الواجب. وقيل: لا يشترط الترتيب، بل الشرط فيه عدم التنكيس، حتى لو استعان بأربعة غسلوا أعضاءه دفعة واحدة ونوى صح وضوؤه. وعلى الأول يحصل له في هذه الحالة غسل الوجه فقط، كما لو نكس وضوءه ولو ساهيا، فلو وضؤه بعد ذلك ثلاث مرات أخر أجزأه، كما لو نكس وضوءه أربع مرات فإنه يجزئه لحصول غسل كل عضو في مرة. (ولو اغتسل محدث) حدثا أصغر فقط بنية رفع الحدث أو نحوه ولو متعمدا، أو بنية رفع الجنابة أو نحوها غالطا، ورتب فيهما أجزأه، أو انغمس بنية ما ذكر. (فالأصح أنه إن أمكن تقدير ترتيب بأن غطس ومكث) قدر الترتيب (صح) له الوضوء، لأن الترتيب حاصل بذلك، لأنه إذا لاقى الماء وجهه وقد نوى يرتفع الحدث عنه وبعده عن اليدين لدخوله وقت غسلهما، وهكذا إلى آخر الأعضاء. والثاني: لا يصح، لأن هذا الترتيب أمر تقديري لا تحقيقي، ولهذا لا يقوم الغمس في الماء الكثير مقام العدم في النجاسة المغلظة. (وإلا) أي: وإن لم يمكث قدر الترتيب بأن غطس وخرج في الحال، أو غسل الأسافل قبل الأعالي، كما في المحرر. (فلا) يصح، لأن الترتيب من واجبات الوضوء، أو الواجب لا يسقط بفعل ما ليس بواجب.
ووجه مقابله أن الغسل أكمل من الوضوء فلذلك قال: (قلت الأصح الصحة بلا مكث والله أعلم) لأنه يكفي لرفع أعلى الحدثين فللأصغر أولى، ولتقدير الترتيب في لحظات لطيفة، هذا إذا لم يغتسل منكسا بالصب عليه، وإلا لم يحصل له سوى الوجه كما مر. وأما انغماسه فيكفي مطلقا. ولو أغفل لمعة من غير أعضاء الوضوء قطع الفاضي بأنه لا يكفي، وهو على الراجح ممنوع وعلى غيره محمول على ما إذا لم يمكث، فإن مكث أجزأه واكتفى بنية الجنابة ونحوها مع أن المنوي طهر غير مرتب لأن النية لا تتعلق بخصوص الترتيب نفيا وإثباتا. ولو أحدث وأجنب أجزأ الغسل عنها لاندراج الأصغر وإن لم ينوه في الأكبر، فلو اغتسل إلا رجليه أو إلا يديه مثلا ثم أحدث ثم غسلهما عن الجنابة توضأ، ولم يجب عليه إعادة غسلهما لارتفاع حدثهما بغسلهما عن الجنابة، وهذا وضوء خال عن غسل الرجلين أو اليدين وهما مكشوفتان بلا علة، قال ابن القاص: وعن الترتيب، وغلطه الأصحاب بأنه غير خال عنه، بل هو وضوء لم يجب فيه غسل الرجلين أو اليدين، قال في المجموع: وهو إنكار صحيح. ولو غسل بدنه إلا أعضاء الوضوء ثم أحدث، لم يجب ترتيبها، ولو شك في تطهير عضو قبل الفراغ طهره وما بعده، أو بعد الفراغ لم يؤثر، ولو صلى فرضين بوضوءين عن حدث ثم تذكر ترك المسح من أحدهما لا بعينه مسح وغسل ما بعده وأعاد الصلاتين. ولو توضأ وصلى ثم نسي الوضوء والصلاة فتوضأ وصلاها ثم على ترك عضو وسجدة وجهل عينهما فوضوؤه تام، ويعيد الصلاة لاحتمال كون العضو من الوضوء الأول والسجدة من الصلاة