يكتب بالألف، وإنما حذفت من بسم الله الرحمن الرحيم لكثرة تكررها. (اللهم) أي يا الله (إني أعوذ) أي أعتصم، (بك من الخبث) بضم الخاء والباء جمع خبيث، (والخبائث) جمع خبيثة، والمراد ذكور الشياطين وإناثهم وذلك للاتباع، رواه الشيخان. وفارق تأخير التعوذ عن البسملة هنا تعوذ القراءة حيث قدموه عليها بأنه تم لقراءة القرآن والبسملة منه فتقدم عليه بخلافه هنا. قال الأذرعي: فإن نسي تعوذ بقلبه كما يحمد العاطس، وكذا لو تركه عمدا كما قاله الزركشي، وفي فتاوى ابن البزري: ولا يزيد الرحمن الرحيم، أي لا يستحب له ذلك، لأن المحل ليس محل ذكر فلا يتجاوز فيه المأثور، وزاد الغزالي: اللهم إني أعوذ بك من الرجس النجس الخبيث المخبث الشيطان الرجيم رواه أبو داود في مراسيله. والاستعاذة منهم في البناء المعد لقضاء الحاجة لأنه مأواهم، وفي غيره لأنه سيصير مأوى لهم بخروج الخارج. (و) يقول ندبا (عند) أي عقب، (خروجه) أو انصرافه: (غفرانك، الحمد لله الذي أذهب عن الأذى وعافاني) للاتباع، رواه النسائي، ويكرر غفرانك ثلاثا. قيل: سبب سؤاله ذلك ترك ذكر الله في تلك الحالة. وقيل: سأل المسامحة بسبب ترك الذكر في تلك الحالة. وقيل: استغفر خوفا من تقصيره في شكر نعمة الله التي أنعمها عليه فأطعمه ثم هضمه ثم سهل خروجه، فرأى شكره قاصرا عن بلوغ حق هذه النعم فتداركه بالاستغفار. وقيل: سأل دوام نعمته بتسهيل الأذى وعدم حبسه لئلا يؤدي إلى شهرته وانكشافه. والغفران على هذا مأخوذ من الغفر وهو الستر. وقيل: إنه لما خلص من النجو المثقل للبدن سأل التخليص مما يثقل القلب وهو الذنب لتكمل الراحة. وفي مصنف عبد الرزاق وابن أبي شيبة أن نوحا عليه الصلاة والسلام كان يقول: الحمد لله الذي أذاقني لذته، وأبقى في منفعته، وأذهب عني أذاه. (ويجب الاستنجاء) إزالة للنجاسة من كل خارج ملوث ولو نادرا كدم ومذي وودي لا على الفور بل عند الحاجة إليه. ( بماء) على الأصل في إزالة النجاسة، (أو حجر) لأنه (ص) جوزه به حيث فعله كما رواه البخاري، وأمر بفعله بقوله فيما رواه الشافعي وغيره: وليستنج بثلاثة أحجار الموافق له ما رواه مسلم وغيره من نهيه (ص) عن الاستنجاء بأقل من ثلاثة أحجار، وهو طهارة مستقلة على الأصح، فيجوز تأخيره عن الوضوء دون التيمم لأن الوضوء يرفع الحدث وارتفاعه يحصل مع قيام المانع، والتيمم لا يرفعه وإنما يبيح الصلاة ولا استباحة مع المانع، ومقتضاه كما قال الأسنوي:
عدم صحة وضوء دائم الحدث قبل الاستنجاء لكونه لا يرفع الحدث، وهو الظاهر وإن قال بعض المتأخرين: إن الماء أصل في رفع الحدث فكان أقوى من التراب الذي لا يرفعه أصلا. وعلم من قوله: أو حجر أن الواجب أحدهما.
(وجمعهما) بأن يقدم الحجر، (أفضل) من الاقتصار على الماء، لأن العين تزول بالحجر، والأثر يزول بالماء من غير حاجة إلى مخامرة النجاسة، والاقتصار على الماء أفضل من الاقتصار على الحجر لأنه يزيل العين والأثر بخلاف الحجر. وقضية التعليل أنه لا يشترط في حصول فضيلة الجمع طهارة الحجر وأنه يكفي بدون الثلاث مع الانقاء، وبالأول صرح الجيلي نقلا عن الغزالي. وقال الأسنوي في الثاني: المعنى وسياق كلامهم يدلان عليه اه. والظاهر أن بهذا يحصل أصل فضيلة الجمع، وأما كمالها فلا بد من بقية شروط الاستنجاء بالحجر. وقضية كلامهم أن فضيلة الجمع لا فرق فيها بين البول والغائط، وبه صرح سليم وغيره وهو المعتمد، وإن جزم القفال باختصاصه بالغائط، وصوبه الأسنوي. وشمل إطلاقه الحجر حجارة الحرم فيجوز الاستنجاء بها وهو الأصح. (وفي معنى الحجر) الوارد (كل جامد طاهر قالع غير محترم) كخشب وخزف لحصول الغرض به كالحجر فخرج بالجامد وهو من زيادته المائع غير الماء الطهور كماء الورد والخل، وبالطاهر النجس كالبعر والمتنجس كالماء القليل الذي وقعت فيه نجاسة، وبالقالع نحو الزجاج والقصب الأملس، والمتناثر كتراب ومدر وفحم رخوين، بخلاف التراب والفحم الصلبين. والنهي عن الاستنجاء بالفحم ضعيف، قاله في المجموع، وإن صح حمل على الرخو، وشمل إطلاقه حجر الذهب والفضة إذا كان كل منهما قالعا وهو الأصح. وبغير محترم المحترم كجزء حيوان متصل به كيده ورجله، وكمطعوم آدمي كالخبز أو جني كالعظم، لما روى مسلم: أنه (ص) نهى عن الاستنجاء بالعظم وقال: إنه زاد إخوانكم