والثاني: تجب بطلوع الفجر يوم العيد لأنها قربة متعلقة بالعيد فلا يتقدم وقتها عليه كالأضحية، كذا علله الرافعي، واعترض عليه بأن وقت الأضحية إذا طلعت الشمس ومضى قدر ركعتين وخطبتين خفيفتين لا الفجر. والثالث: تجب بمجموع الوقتين لتعلقها بالفطر والعيد جميعا. وعلى الأول لا بد من إدراك جزء من رمضان مع الجزء المذكور. قال الأسنوي:
ويظهر أثر ذلك فيما إذا قال لعبده أنت حر مع أول جزء من ليلة العيد أو مع آخر جزء من رمضان أو قاله لزوجته اه.
أي قاله بلفظ الطلاق، أو كان هناك مهايأة في رقيق بين اثنين بليلة ويوم أو نفقة قريب بين اثنين كذلك وما أشبه ذلك، فهي عليهما لأن وقت الوجوب حصل في نوبتهما. وقضية كلام المصنف أن من أدى فطرة عبد قبل الغروب ثم مات المخرج فانتقل إلى ورثته وجب الاخراج. قال الأذرعي: وهو المذهب. (فتخرج) على الأظهر (عمن مات بعد الغروب) ممن يؤدى عنه من زوجة وعبد وقريب لوجود السبب في حياته، وكذا من زال ملكه عنه بعتق أو غيره كطلاق، وكذا لو استغنى القريب. ولو مات المؤدى عنه بعد الوجوب وقبل التمكن لم تسقط فطرته على الأصح في المجموع، بخلاف تلف المال، وفرق بأن الزكاة تتعلق بالعين والفطرة بالذمة. (دون من ولد) وتجدد من زوجة ورقيق أو أسلم بعد الغروب لعدم إدراكه الموجب، وعلى القول الثاني ينعكس الحكم، وعلى الثالث لا وجوب فيهما. (ويسن أن لا تؤخر عن صلاته) أي العيد للامر به قبل الخروج إليها في الصحيحين. والتعبير بالصلاة جرى على الغالب من فعلها أول النهار، فإن أخرت استحب الأداء أول النهار للتوسعة على المستحقين. قال الأسنوي. ويمكن أن يقال باستحباب تأخيرها لانتظار قريب أو جار ما لم يخرج الوقت على قياس زكاة المال اه. وهو حسن.
تنبيه: لو عبر المصنف بقوله: ويسن أن تخرج قبل صلاة العيد كما في التنبيه لكان أولى، فإن تعبيره ليس فيه ندب تقديمها على الصلاة، بل هو صادق بإخراجها مع الصلاة، وظاهر الحديث يرده. وأيضا ليس في كلامه تصريح بأنه يسن إخراجها يوم العيد دون ما قبله. وصرح القاضي أبو الطيب وغيره بأن الأفضل إخراجها يوم الفطر، ويكره تأخيرها عن الصلاة. (ويحرم تأخيرها عن يومه) أي العيد بلا عذر كغيبة ماله أو المستحقين لفوات المعنى المقصود، وهو إغناؤهم عن الطلب في يوم السرور، فلو أخر بلا عذر عصى وقضى لخروج الوقت على الفور لتأخيره من غير عذر، قال في المجموع: وظاهر كلامهم أن زكاة المال المؤخرة عن التمكين تكون أداء، والفرق أن الفطرة مؤقتة بزمن محدود، (كالصلاة، ولا فطرة على كافر) أصلى، لقوله (ص): من المسلمين وهو إجماع قاله الماوردي، لأنها طهرة، وليس من أهلها، والمراد أنه ليس مطالبا بإخراجها، وأما العقوبة عليها في الآخرة فعلى الخلاف في تكليفة بالفروع، قال في المجموع: والأصح أنه مكلف بها. وقال السبكي: يحتمل أن هذا التكلف الخاص لم يشملهم لقوله في الحديث:
من المسلمين، وأما فطرة المرتد ومن عليه مؤنته فموقوفة على عوده إلى الاسلام، وكذا العبد المرتد. ولو غربت الشمس ومن تلزم الكافر نفقته مرتد لم تلزمه فطرته حتى يعود إلى الاسلام. (إلا في عبده) أي رقيقه المسلم ولو مستولدة، (وقريبه المسلم) فتجب عليه عنهما (في الأصح) كالنفقة عليهما، وكذا كل مسلم يلزم الكافر نفقته كزوجته الذمية إذا أسلمت وغربت الشمس وهو متخلف في العدة وأوجبنا نفقة مدة التخلف وهو الأصح، والثاني: لا تجب عليه لأن الكافر ليس من أهلها. والخلاف في هذه المسائل مبني على أن من وجبت فطرته على غيره هل وجبت عليه ثم تحملها عنه المخرج أم وجبت ابتداء على المخرج؟ وجهان، أصحهما أنها بطريق التحمل، فالأول مبني على الأول، والثاني على الثاني، وعلى الأول قال الامام: لا صائر إلى أن المتحمل عنه ينوي، والكافر لا تصح منه النية.
تنبيه: كان الأولى للمصنف أن يقول: إلا في رقيقه كما قدرته وقريبه المسلمين بالتثنية أو يعطف القريب بأو. (ولا) فطرة على (رقيق) لا عن نفسه ولا عن غيره، أما غير المكاتب كتابة صحيحة فلعدم ملكه، وأما المكاتب المذكور فلضعف ملكه إذ لا يجب عليه زكاة ماله ولا نفقة قريبه ولا فطرة على سيده عنه لاستقلاله بخلاف المكاتب