مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٤٠
أن يعد أحجار الاستنجاء إن أراد الاستنجاء بها، لخبر: إذا ذهب أحدكم إلى الغائط فليذهب معه بثلاثة أحجار يستطيب بهن. أو الماء إن أراد الاستنجاء به، أو هما إن أراد الجمع. (ولا يحمل) في الخلاء (ذكر الله تعالى) أي مكتوب ذكر من قرآن أو غيره، حتى حمل ما كتب من ذلك في درهم أو نحوه تعظيما له واقتداء به (ص)، فإنه كان إذا دخل الخلاء نزع خاتمه، وكان نقشه ثلاثة أسطر: محمد سطر، ورسول سطر، والله سطر، رواه ابن حبان في صحيحه عن أنس. قال الأسنوي: وفي حفظي أنه كان يقرأ من أسفل فصاعدا ليكون اسم الله فوق الجميع اه‍. وقيل: كان النقش معكوسا ليقرأ مستقيما إذا ختم به قال ابن حجر العسقلاني: ولم يثبت في الامرين خبر. وحمل ما عليه ذكر الله تعالى على الخلاء مكروه لا حرام، ومثل ذلك اسم رسوله وكل اسم معظم كما في الكفاية تبعا للإمام: قال المصنف في التنقيح: ولعل المراد الأسماء المختصة بالله ونبيه مثلا دون ما لا يختص ك‍ عزيز وكريم ومحمد وأحمد إذا لم يكن ما يشعر بأن المراد اه‍. ومثل ما يشعر بذلك ما إذا قصده به، فإن ترك ذلك ولو عمدا حتى قعد لقضاء حاجته ضم كفه عليه أو وضعه في عمامته أو غيرها، وهذا الأدب مستحب، قال ابن الصلاح: وليتهم قالوا بوجوبه. قال الأذرعي: والمتجه تحريم إدخال المصحف ونحوه الخلاء من غير ضرورة إجلالا له وتكريما اه‍. قال الأسنوي: ومحاسن كلام الشريعة يشعر بتحريم بقاء الخاتم الذي عليه ذكر الله تعالى في اليسار حال الاستنجاء، وهو ظاهر إذا أفضى ذلك إلى تنجيسه اه‍ ملخصا. وينبغي حمل كلام الأذرعي على ما إذا خيف عليه التنجيس. ولا يدخل المحل حافيا ولا مكشوف الرأس للاتباع، رواه البيهقي مرسلا. قال في المجموع: اتفق العلماء على أن الحديث المرسل والضعيف والموقوف يتسامح به في فضائل الأعمال ويعمل بمقتضاه. (ويعتمد) ندبا في قضاء الحاجة، (جالسا يساره) وينصب اليمنى تكريما لها بأن يضع أصابعها على الأرض ويرفع باقيها ويضم كما قال الأذرعي فخذيه، لأن ذلك أسهل لخروج الخارج. ومقتضى هذا التسوية في قضاء الحاجة بين القائم والقاعد، نعم لو بال قائما فرج بينهما فيعتمدهما كما قاله الشارح خوفا من التنجيس. ويندب له أن يرفع لقضاء الحاجة ثوبه عن عورته شيئا فشيئا إلا إن خاف تنجس ثوبه فيرفعه بقدر حاجته ويسبله شيئا فشيئا قبل انقضاء قيامه. (ولا يستقبل القبلة ولا يستدبرها) ندبا إذا كان في غير المعد لذلك مع سائر مرتفع ثلثي ذراع تقريبا فأكثر، نعم لو بال قائما لا بد من ارتفاعه إلى أن يستر عورته، ولا بد أن يكون عريضا بحيث يسترها سواء أكان قائما أم لا، بخلاف سترة الصلاة لا يشترط فيها عرض، وأن يكون بينه وبينه ثلاثة أذرع فأقل بذراع الآدمي، وإرخاء ذيله كاف في ذلك فهما حينئذ خلاف الأولى. (ويحرمان) في البناء غير المعد لقضاء الحاجة، (بالصحراء) بدون الساتر المتقدم. والأصل في ذلك ما في الصحيحين أنه (ص) قال: إذا أتيتم الغائط فلا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها ببول ولا غائط ولكن شرقوا أو غربوا. وفيهما أنه (ص) قضى حاجته في بيت حفصة مستقبل الشام مستدبر الكعبة. وقال جابر: نهى النبي (ص) أن تستقبل القبلة ببول، فرأيته قبل أن يقبض بعام يستقبلها رواه الترمذي وحسنه. فحملوا الخبر الأول المفيد للحرمة على القضاء وما ألحق به لسهولة اجتناب المحاذاة فيه، بخلاف البناء غير المذكور مع الصحراء، فيجوز فيه ذلك كما فعله (ص) بيانا للجواز وإن كان الأولى لنا تركه كما مر. أما في المعد لذلك فلا حرمة فيه ولا كراهة ولا خلاف الأولى، قاله في المجموع. ويستثنى من الحرمة ما لو كانت الريح تهب على يمين القبلة وشمالها فإنهما لا يحرمان للضرورة، وإذا تعارض الاستقبال والاستدبار، تعين الاستدبار. ولا يحرم ولا يكره استقبال القبلة ولا استدبارها حال الاستنجاء أو الجماع أو إخراج الريح، إذ النهي عن استقبالها واستدبارها مقيد بحالة البول والغائط، وذلك منتف في الثلاثة، ويكره استقبال الشمس أو القمر أو بيت المقدس، وكذا المدينة المنورة إكراما له فيما يظهر ببول أو غائط دون استدبارها كما نقله المصنف في أصل الروضة عن الجمهور، وقال في المجموع: وهو الصحيح المشهور، وقيل: يكره الاستدبار أيضا، وجرى عليه ابن المقري في روضه. وقيل: لا يكرهان. قال المصنف في التحقيق: إنه لا أصل للكراهة فالمختار إباحته. (ويبعد) عن الناس في الصحراء أو ما ألحق بها من البنيان إلى حيث لا يسمع للخارج منه صوت ولا يشم له ريح،
(٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532