أن يعد أحجار الاستنجاء إن أراد الاستنجاء بها، لخبر: إذا ذهب أحدكم إلى الغائط فليذهب معه بثلاثة أحجار يستطيب بهن. أو الماء إن أراد الاستنجاء به، أو هما إن أراد الجمع. (ولا يحمل) في الخلاء (ذكر الله تعالى) أي مكتوب ذكر من قرآن أو غيره، حتى حمل ما كتب من ذلك في درهم أو نحوه تعظيما له واقتداء به (ص)، فإنه كان إذا دخل الخلاء نزع خاتمه، وكان نقشه ثلاثة أسطر: محمد سطر، ورسول سطر، والله سطر، رواه ابن حبان في صحيحه عن أنس. قال الأسنوي: وفي حفظي أنه كان يقرأ من أسفل فصاعدا ليكون اسم الله فوق الجميع اه. وقيل: كان النقش معكوسا ليقرأ مستقيما إذا ختم به قال ابن حجر العسقلاني: ولم يثبت في الامرين خبر. وحمل ما عليه ذكر الله تعالى على الخلاء مكروه لا حرام، ومثل ذلك اسم رسوله وكل اسم معظم كما في الكفاية تبعا للإمام: قال المصنف في التنقيح: ولعل المراد الأسماء المختصة بالله ونبيه مثلا دون ما لا يختص ك عزيز وكريم ومحمد وأحمد إذا لم يكن ما يشعر بأن المراد اه. ومثل ما يشعر بذلك ما إذا قصده به، فإن ترك ذلك ولو عمدا حتى قعد لقضاء حاجته ضم كفه عليه أو وضعه في عمامته أو غيرها، وهذا الأدب مستحب، قال ابن الصلاح: وليتهم قالوا بوجوبه. قال الأذرعي: والمتجه تحريم إدخال المصحف ونحوه الخلاء من غير ضرورة إجلالا له وتكريما اه. قال الأسنوي: ومحاسن كلام الشريعة يشعر بتحريم بقاء الخاتم الذي عليه ذكر الله تعالى في اليسار حال الاستنجاء، وهو ظاهر إذا أفضى ذلك إلى تنجيسه اه ملخصا. وينبغي حمل كلام الأذرعي على ما إذا خيف عليه التنجيس. ولا يدخل المحل حافيا ولا مكشوف الرأس للاتباع، رواه البيهقي مرسلا. قال في المجموع: اتفق العلماء على أن الحديث المرسل والضعيف والموقوف يتسامح به في فضائل الأعمال ويعمل بمقتضاه. (ويعتمد) ندبا في قضاء الحاجة، (جالسا يساره) وينصب اليمنى تكريما لها بأن يضع أصابعها على الأرض ويرفع باقيها ويضم كما قال الأذرعي فخذيه، لأن ذلك أسهل لخروج الخارج. ومقتضى هذا التسوية في قضاء الحاجة بين القائم والقاعد، نعم لو بال قائما فرج بينهما فيعتمدهما كما قاله الشارح خوفا من التنجيس. ويندب له أن يرفع لقضاء الحاجة ثوبه عن عورته شيئا فشيئا إلا إن خاف تنجس ثوبه فيرفعه بقدر حاجته ويسبله شيئا فشيئا قبل انقضاء قيامه. (ولا يستقبل القبلة ولا يستدبرها) ندبا إذا كان في غير المعد لذلك مع سائر مرتفع ثلثي ذراع تقريبا فأكثر، نعم لو بال قائما لا بد من ارتفاعه إلى أن يستر عورته، ولا بد أن يكون عريضا بحيث يسترها سواء أكان قائما أم لا، بخلاف سترة الصلاة لا يشترط فيها عرض، وأن يكون بينه وبينه ثلاثة أذرع فأقل بذراع الآدمي، وإرخاء ذيله كاف في ذلك فهما حينئذ خلاف الأولى. (ويحرمان) في البناء غير المعد لقضاء الحاجة، (بالصحراء) بدون الساتر المتقدم. والأصل في ذلك ما في الصحيحين أنه (ص) قال: إذا أتيتم الغائط فلا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها ببول ولا غائط ولكن شرقوا أو غربوا. وفيهما أنه (ص) قضى حاجته في بيت حفصة مستقبل الشام مستدبر الكعبة. وقال جابر: نهى النبي (ص) أن تستقبل القبلة ببول، فرأيته قبل أن يقبض بعام يستقبلها رواه الترمذي وحسنه. فحملوا الخبر الأول المفيد للحرمة على القضاء وما ألحق به لسهولة اجتناب المحاذاة فيه، بخلاف البناء غير المذكور مع الصحراء، فيجوز فيه ذلك كما فعله (ص) بيانا للجواز وإن كان الأولى لنا تركه كما مر. أما في المعد لذلك فلا حرمة فيه ولا كراهة ولا خلاف الأولى، قاله في المجموع. ويستثنى من الحرمة ما لو كانت الريح تهب على يمين القبلة وشمالها فإنهما لا يحرمان للضرورة، وإذا تعارض الاستقبال والاستدبار، تعين الاستدبار. ولا يحرم ولا يكره استقبال القبلة ولا استدبارها حال الاستنجاء أو الجماع أو إخراج الريح، إذ النهي عن استقبالها واستدبارها مقيد بحالة البول والغائط، وذلك منتف في الثلاثة، ويكره استقبال الشمس أو القمر أو بيت المقدس، وكذا المدينة المنورة إكراما له فيما يظهر ببول أو غائط دون استدبارها كما نقله المصنف في أصل الروضة عن الجمهور، وقال في المجموع: وهو الصحيح المشهور، وقيل: يكره الاستدبار أيضا، وجرى عليه ابن المقري في روضه. وقيل: لا يكرهان. قال المصنف في التحقيق: إنه لا أصل للكراهة فالمختار إباحته. (ويبعد) عن الناس في الصحراء أو ما ألحق بها من البنيان إلى حيث لا يسمع للخارج منه صوت ولا يشم له ريح،
(٤٠)