شفقته، ويتولاه الرجال من الرجال والنساء من النساء، فإن تولاه الرجال من نساء المحارم أو النساء من رجال المحارم جاز، كذا في زيادة الروضة. قال الأذرعي: وفيه إشارة إلى أنه لا يتولى ذلك الأجنبي من الأجنبية ولا بالعكس، ولا يبعد جوازه لهما مع الغض وعدم المس اه. وهو ظاهر، وكالمحرم فيما ذكر الزوجان بل أولى، وفي إطلاق المحرم على الرجلين والمرأتين مسامحة. (ويبادر) بفتح الدال، ندبا، (بغسله إذا تيقن موته) بظهور شئ من أمارته، كاسترخاء قدم وميل أنف وانخساف صدغ، لأنه عليه الصلاة والسلام عاد طلحة بن البراء، فقال: إني لا أرى طلحة إلا قد حدث فيه الموت، فإن يؤتى به فعجلوا به، فإنه لا ينبغي لجيفة مؤمن أن تحبس بين ظهراني أهله رواه أبو داود. فإن شك في موته أخر وجوبا كما قاله في المجموع إلى اليقين بتغير الرائحة أو غيره. (وغسله) أي الميت (وتكفينه والصلاة عليه) وحمله (ودفنه فروض كفاية) للاجماع على ما حكاه في أصل الروضة، وللامر به في الأخبار الصحيحة في غير الدفن. وقاتل نفسه كغيره كما مر سواء في ذلك المسلم والذمي إلا في الغسل والصلاة، فمحلهما في المسلم غير الشهيد كما يعلم مما سيأتي. والمشهور أن المخاطب بذلك كل من علم بموته من قريب أو غيره. (وأقل الغسل تعميم بدنه) بالماء مرة، لأن ذلك هو الفرض في الغسل من الجنابة في حق الحي، (بعد إزالة النجس) عنه إن كان عليه، كذا في الروضة كأصلها أيضا، فلا يكفي لهما غسلة واحدة، وهو مبني على ما صححه الرافعي في الحي أن الغسلة لا تكفي عن النجس والحدث، وصحح المصنف أنها تكفي كما مر في باب الغسل، وكأنه ترك الاستدراك هنا للعلم به من هناك، فيتحد الحكمان، وهذا هو المعتمد. فإن قيل: إن ما هنا محمول على نجاسة تمنع وصول الماء إلى العضو، أو أن ما هناك متعلق بنفسه فجاز إسقاطه، وما هنا بغيره فامتنع إسقاطه. أجيب بخروج الأول عن صورة المسألة. والثاني: عن المدرك، وهو أن الماء ما دام مترددا على المحل لا يحكم باستعماله كما مر بيانه، فيكفي غسله لذلك. (ولا تجب نية الغاسل) أي لا تشترط في صحة الغسل، (في الأصح، فيكفي) على هذا (غرقه أو غسل كافر) لأن المقصود من هذا الغسل هو النظافة، وهي لا تتوقف على نية. والثاني: تجب لأنه غسل واجب، فافتقر إلى النية كغسل الجنابة. وعلى هذا فلا يكفي الغرق ولا غسل الكافر فينوي كما في المجموع الغسل الواجب أو غسل الميت. (قلت: الأصح المنصوص وجوب غسل الغريق، والله أعلم) لأنا مأمورون بغسل الميت، فلا يسقط الفرض عنا إلا بفعلنا، حتى لو رأينا الملائكة تغسله لم يسقط عنا بخلاف نظيره من الكفن، لأن المقصود منه الستر وقد حصل، ومن الغسل التعبد بفعلنا له، ولهذا ينبش للغسل لا للتكفين. وهل يكفي تغسيل الجن؟ الظاهر الاكتفاء كما قيل إن الجمعة تنعقد بهم. (والأكمل وضعه بموضع خال) عن الناس لا يكون فيه أحد إلا الغاسل ومن يعينه. وللولي الحضور وإن لم يغسل ولم يعن لحرصه على مصلحته. وقد تولى غسله (ص) علي والفضل بن العباس وأسامة بن زيد يناول الماء والعباس واقف، ثم رواه ابن ماجة وغيره. ( مستور) عنهم كما في حال الحياة ولأنه قد يكون فيه ما لا يحب أن يطلع عليه غيره، والأفضل أن يكون تحت سقف لأنه أستر له نص عليه في الام. (على لوح) أو سرير هئ لذلك لئلا يصيبه الرشاش، ويكون عليه مستلقيا كاستلقاء المحتضر لأنه أمكن لغسله. (ويغسل) ندبا (في قميص) لأنه أستر له، وقد غسل (ص) في قميص، رواه أبو داود وغيره بإسناد صحيح. والأولى أن يكون القميص خلقا أو سخيفا حتى لا يمنع وصول الماء إليه، وقيل تجريده أولى.
وقال المزني: إن الشافعي تفرد بالأول، وإن ذلك خاص بالنبي (ص) لجلالته وعظم قدره، وقيل: إن الغسل في القميص للاشراف وذوي الهيئات. ويدخل الغاسل يده في كم القميص إن كان واسعا ويغسله من تحته، وإن كان ضيقا فتق رؤوس الدخاريص، فإن لم يجد قميصا أو لم يتأت غسله فيه لضيقه ستر ما بين سرته وركبته. ويسن كما قال السبكي أن