بالدم من الاعذار العامة في حق المقاتل فأشبه المستحاضة. والثاني: يجب القضاء، وهو المعتمد المنقول في الشرحين والروضة هنا عن الامام عن الأصحاب. وقال في المهمات: وهو ما نص عليه الشافعي فالفتوى عليه اه. ولو تنجس سلاحه بغير الدم بنجاسة لا يعفى عنها أمسكه عند العجز، وعليه القضاء أخذا من ذلك. (فإن عجز عن ركوع أو سجود أومأ) بهما للضرورة كما ثبت ذلك في صحيح مسلم عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما. (و) جعل (السجود أخفض) من الركوع ليحصل التمييز بينهما، فلا يجب على الماشي وضع جبهته على الأرض كما لا يجب عليه الاستقبال ولو في التحرم والركوع والسجود لما في تكليفه ذلك من تعرضه للهلاك، بخلاف نظيره في الماشي المتنفل في السفر كما مر، ولو أمكنه الاستقبال بترك القيام لركوبه ركب لأن الاستقبال آكد بدليل النفل.
تنبيه: هذان اللفظان منصوبان بتقدير جعل كما قدرته، وصرح به في المحرر. (وله ذا النوع) أي صلاة شدة الخوف حضرا أو سفرا، (في كل قتال وهزيمة مباحين) أي لا إثم فيهما، كقتال عادل ودافع عن نفسه أو غيره أو مال نفسه أو حرمه أو مال غيره أو حرمه، ولا إعادة عليه لأن المنع منه ضرر. ولا يختص هذا النوع بالقتال كما يعلم مما مر ومن قوله: (و) له ذلك في (هرب من) نحو (حريق وسيل وسبع) وحية لا يجد معدلا عنه بتحصين بشئ لوجود الخوف، (و) في هرب من (غريم) وهو مستحق الدين، (عند الاعسار) أي إعساره (وخوف حبسه) دفعا لضرر الحبس.
وهذا حيث لا بينة له، ولا يصدقه المستحق ولو كان له بينة، ولكن الحاكم لا يسمعها إلا بعد الحبس، فهي كالعدم كما بحثه بعض المتأخرين. وفي هرب من مقتص يرجو بسكون غضبه بالهرب عفوه، وخرج بذلك العاصي بالقتال كالبغاة بغير تأويل وقطاع الطريق، والعاصي بفراره كهزيمة مسلم من كافرين في الصف، فلا يصلون هذه الصلاة لأن الرخص لا تناط بالمعاصي، ولا يصليها طالب لعدو منهزم منه خاف فوت العدو لو صلى متمكنا، لأنه لم يخف فوت ما هو حاصل بل هو محصل. والرخص لا تجاوز محلها إلا إن خشي كرتهم عليه أو كمينا أو انقطاعه عن رفقته كما صرح به الجرجاني، فله أن يصليها لأنه خائف. ويؤخذ من ذلك أنه لو خطف شخص عمامته أو مداسه مثلا وهرب به وأمكنه تحصيله أن له هذه الصلاة لأنه خاف فوت ما هو حاصل عنده، وهذا كله إن خاف فوت الوقت، كما صرح به ابن الرفعة وغيره. قال الأذرعي: وكما تجوز صلاة شدة الخوف كذلك تجوز أيضا صلاة الخوف من باب أولى، وبه صرح الجرجاني، فيصلي بطائفة ويستعمل طائفة برد السيل وإطفاء الحريق ودفع السبع ونحو ذلك. (والأصح منعه لمحرم خاف فوت الحج) بفوات وقوف عرفة لو صلى متمكنا، لأنه لم يخف فوت ما هو حاصل، بل يروم تحصيل ما ليس بحاصل، فأشبه خوف فوات العدو عند انهزامهم كما مر. والثاني: يجوز له أن يصليها لأن الضرر الذي يلحقه بفوات الحج لا ينقص عن ضرر الحبس أياما في حق المديون المعسر، وصحح هذا الشيخ عز الدين في قواعده. وعلى الأول يؤخر الصلاة ويحصل الوقوف كما صوبه المصنف خلافا للرافعي لأن قضاء الحج صعب وقضاء الصلاة هين. فقد جوزنا تأخير الصلاة لأمور لا تقارب المشقة فيها هذه المشقة كالتأخير للجمع، وعلى هذا يجب تأخير الصلاة كما ذكره ابن الرفعة في كفايته أول كتاب الصلاة. ومحل الخلاف إذا تحقق فوات كل الصلاة، فلو علم أنه لو مضى أدرك الحج وأدرك ركعة من الوقت وجب المضي قطعا كما حكاه البغوي في فتاويه عن شيخه القاضي حسين، ولو ضاق وقت الصلاة وهو بأرض مغصوبة أحرم ماشيا كهارب من حريق كما قاله القاضي والجيلي.
فرع: يصلي عيد الفطر وعيد الأضحى وكسوف الشمس والقمر في شدة الخوف صلاتها لأن يخاف فوتها ويخطب لها إن أمكن، بخلاف صلاة الاستسقاء لأنها لا تفوت، ويؤخذ من ذلك أنها تشرع في غير ذلك أيضا كسنة الفريضة والتراويح، وأنها لا تشرع في الفائتة بعذر إلا إذا خيف فوتها بالموت. (ولو صلوا) صلاة شدة الخوف ( لسواد) كإبل