مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٢٨٦
أطيعوا الله. (وهذه الثلاثة) الأركان المذكورة (أركان في) كل من (الخطبتين) لاتباع السلف والخلف، ولان كل خطبة منفصلة عن الأخرى. (والرابع قراءة آية) للاتباع رواه الشيخان، سواء أكانت وعدا لهم أو وعيدا أم حكما أم قصة. قال الامام: ولا يبعد الاكتفاء بشطر آية طويلة، وينبغي كما قال شيخي اعتماده، وإن قال في المجموع: المشهور الجزم باشتراط آية. ويعضد الأول قول البويطي ويقرأ شيئا من القرآن، ولا شك أنه لا يكفي ثم نظر أو ثم عبس أو نحو ذلك وإن كانت آية لأنها غير مفهمة. وقال في المجموع إنه لا خلاف فيه. ويكفي كونها (في إحداهما) لأن الغالب القراءة في الخطبة دون تعيين، ونقل الماوردي عن نصه في المبسوط أنه يجزئ أن يقرأ بين قراءتهما، قال: وكذلك قبل الخطبة أو بعد فراغه منهما، ونقل ابن كج ذلك عن النص صريحا، وذكر الدارمي نحو ذلك، قال الأذرعي: وهو المذهب، قال في المجموع: ويسن جعلها في الأولى. (وقيل) تتعين (في الأولى) فلا تجزئ في الثانية، وهو المنصوص في البويطي والمختصر لتكون في مقابلة الدعاء المختص بالثانية، ولان الأولى أحق بالتطويل. (وقيل) تتعين (فيهما) أي في كل منهما. (وقيل لا تجب) في واحدة منهما بل تستحب، وسكتوا عن محله، ويقاس بمحل الوجوب. وعلى الأول يستحب قراءة ق في الأولى للاتباع رواه مسلم، ولاشتمالها على أنواع المواعظ. ولا يشترط رضا الحاضرين وإن توقف في ذلك الأذرعي، كما لا يشترط في قراءة الجمعة والمنافقين في الصلاة وإن كانت السنة التخفيف، قال البندنيجي: فإن أبى قرأ: * (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا) * الآية. ولو قرأ آية سجدة نزل وسجد إن لم يكن فيه كلفة، فإن خشي من ذلك طول فصل سجد مكانه إن أمكن وإلا تركه. ولا تجزئ آية تشتمل على الأركان كلها لأن ذلك لا يسمى خطبة، واستشكل هذا بأنه ليس لنا آية تشتمل على الصلاة منا على النبي (ص)، وإن أتى ببعضها ضمن آية كقوله: * (الحمد لله فاطر السماوات والأرض) * لم يمتنع، وأجزأه ذلك عن البعض دون القراءة لئلا يتداخلا، وإن قصدهما بآية لم يجزه ذلك عنهما بل عن القراءة فقط كما صرح به في المجموع.
وكره جماعة تضمين شئ من آي القرآن بغيره من الخطب والرسائل وغيرهما، وخصه جماعة في الخطب والرسائل، وهذا هو الظاهر، وقد أكثر من ذلك ابن الجوزي وابن نباتة وغيرهما. (والخامس: ما يقع عليه اسم دعاء للمؤمنين) بأخروي لنقل الخلف له عن السلف، ويكون (في) الخطبة (الثانية) لأن الدعاء يليق بالخواتم. فإن قيل: تعبيره بالمؤمنين لا يشمل المؤمنات. أجيب بأن المراد بهم الجنس الشامل لهن وبهما عبر في الوسيط، وفي التنزيل: * (وكانت من القانتين) *، ولو خص به الحاضرين كقوله رحمكم الله كفى، بخلاف ما لو خص به الغائبين كما يؤخذ من كلامهم ولم أره مسطورا. (وقيل لا يجب) لأنه لا يجب في غير الخطبة فكذا فيها كالتسبيح بل يستحب، ونص على هذا في الاملاء، وجزم به ابن حامد. وقطع بعضهم بالأولى وبعضهم بالثاني فكان ينبغي التعبير بالمذهب، والمختار في المجموع وزيادة الروضة أنه لا بأس بالدعاء للسلطان بعينه إن لم يكن في وصفه مجازفة، قال ابن عبد السلام: لا يجوز وصفه بالصفات الكاذبة إلا لضرورة. ويستحب الدعاء لائمة المسلمين وولاة أمورهم بالصلاح والإعانة على الحق والقيام بالعدل ونحو ذلك. ثم لما فرغ من ذكر أركان الخطبتين شرع في ذكر شروطهما وهي تسعة مبتدئا بواحد منها فقال: (ويشترط كونها) أي الخطبة أي أركانها، والمراد بها الجنس الشامل للخطبتين، (عربية) لاتباع السلف والخلف، ولأنها ذكر مفروض فيشترط فيه ذلك كتكبيرة الاحرام، فإن أمكن تعلمها وجب على الجميع على سبيل فرض الكفاية فيكفي في تعلمها واحد منهم كما هو شأن فروض الكفاية، فإن لم يفعل واحد منهم عصوا ولا جمعة لهم بل يصلون الظهر. فإن قيل: ما فائدة الخطبة بالعربية إذا لم يعرفها القوم؟ أجيب بأن فائدتها العلم بالوعظ من حيث الجملة، فقد صرحوا فيما إذا سمعوا الخطبة ولم يفهموا معناها أنها تصح، فإن لم يمكن تعلمها خطب بلغته وإن لم يفهمها القوم، فإن لم يحسن لغة فلا جمعة لهم لانتفاء شرطها. (مرتبة الأركان الثلاثة الأولى)
(٢٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 281 282 283 284 285 286 287 288 289 290 291 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532