مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٢٧٣
باختياره، فالوجه امتناع الجمع هنا. والمعتمد الفرق بين المسألتين، وهو أنه لا يشترط نية الجمع في أول الأولى بخلاف عذر المطر، فإذن لا فرق في المسافر بين أن يكون السفر باختياره أو لا كما قاله شيخي. (و) ثالثها: (الموالاة بأن لا يطول بينهما فصل) لأن الجمع يجعلهما كصلاة فوجب الولاء كركعات الصلاة، ولأنها تابعة والتابع لا يفصل عن متبوعه ولهذا تركت الرواتب بينهما، ولأنه المأثور. (فإن طال ولو بعذر) كسهو وإغماء (وجب تأخير الثانية إلى وقتها) لفوات شرط الجمع، (ولا يضر فصل يسير) لما في الصحيحين عن أسامة: أن النبي (ص) لما جمع بنمرة أقام الصلاة بينهما. (ويعرف طوله) وقصره (بالعرف) لأنه لا ضابط له في الشرع ولا في اللغة، وما كان كذلك يرجع فيه إلى العرف كالحرز والقبض. وقيل:
إن اليسير يقدر بالإقامة، كما في الحديث. (وللمتيمم الجمع على الصحيح) كالمتوضئ، وقال أبو إسحاق: لا يجوز لأنه يحتاج إلى الطلب. وأشار المصنف إلى رد ذلك بقوله: (ولا يضر تخلل طلب خفيف) لأن ذلك من مصلحة الصلاة فأشبه الإقامة، بل أولى لأنه شرط دونها، بل ولو لم يكن الفصل اليسير لمصلحة الصلاة لم يضر، والثاني: يضر لطول الفصل به بينهما، ولا يضر الفصل بالوضوء قطعا. ولو صلى بينهما ركعتين بنية راتبة بطل الجمع، قاله في المجموع: وغير الراتبة كالراتبة، (ولو جمع) بين صلاتين (ثم علم) بعد الفراغ منهما أو في أثناء الثانية وطال الفصل بين سلام الأولى وعلمه، (ترك ركن من الأولى بطلتا) الأولى لترك الركن وتعذر التدارك بطول الفصل، والثانية لفقد الترتيب. وأعيدت هذه المسألة توطئة لما بعدها. (ويعيدهما جامعا) إن شاء عند اتساع الوقت لأنه لم يصل. أما إذا علم ذلك في أثناء الثانية ولم يطل الفصل فإن إحرامه بالثانية لم يصح، ويبني على الأولى. وقوله: ثم علم يفهم أن الشك لا يؤثر، وهو كذلك إذ لا أثر له بعد الفراغ من الصلاة. (أو) علم تركه (من الثانية فإن لم يطل) أي الفصل (تدارك) ومضت الصلاتان على الصحة، (وإلا) أي وإن طال (فباطلة) أي الثانية لتركه الموالاة بتخلل الباطلة فيلزمه إعادتها في وقتها. (ولو جهل) بأن لم يدر كون المتروك من الأولى أو من الثانية، (أعادهما لوقتيهما) لاحتمال أنه من الأولى، وامتنع الجمع تقديما لاحتمال أنه من الثانية، فيطول الفصل بها وبالأولى المعادة بعدها، أما جمعهما تأخيرا فجائز إذ لا مانع منه. ولو شك بين الصلاتين في نية الجمع ثم تذكر أنه نواه، فإن كان عن قرب جاز له الجمع وإلا امتنع كما قاله الزركشي. (وإذا أخر) الصلاة (الأولى) إلى وقت الثانية، (لم يجب الترتيب) بينهما (و) لا (الموالاة، و) لا (نية الجمع) في الأولى (على الصحيح) في المسائل الثلاث. أما عدم الترتيب فلان الوقت للثانية فلا تجعل تابعة. وأما عدم الموالاة فلان الأولى بخروج وقتها الأصلي قد أشبهت الفائتة بدليل عدم الاذان لها وإن لم تكن فائتة، وينبني على عدم وجوب الموالاة عدم وجوب نية الجمع، والثاني: يجب ذلك كما في جمع التقديم. وفرق الأول بما تقدم من التعليل، وعلى الأول يستحب ذلك كما صرح به في المجموع. ووقع في المحرر الجزم بوجوب نية الجمع، وتبعه في الحاوي الصغير، قال في الدقائق: ولم يقل به أحد، بل قال في المسألة وجهان: الصحيح أن الثلاث سنة، والثاني أنها كلها واجبة. (و) إنما (يجب) للتأخير أمران فقط، أحدهما: (كون التأخير) إلى وقت الثانية (بنية الجمع) قبل خروج وقت الأولى بزمن لو ابتدئت فيه كانت أداء، نقله في الروضة كأصلها عن الأصحاب. وفي المجموع وغيره عنهم: وتشترط هذه النية في وقت الأولى بحيث يبقى من وقتها ما يسعها أو أكثر، فإن ضاق وقتها بحيث لا يسعها عصى وصارت قضاء، وهو مبين كما قال الشارح
(٢٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 268 269 270 271 272 273 274 275 276 277 278 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532