لا يتأتى تأخيرها عن وقتها. (و) بين (المغرب والعشاء كذلك) أي تقديما في وقت الأولى وتأخيرا في وقت الثانية. (في السفر الطويل) المباح للاتباع. أما جمع التأخير فثابت في الصحيحين من حديث أنس وابن عمر رضي الله تعالى عنهم، وأما جمع التقديم فصححه ابن حبان والبيهقي من حديث معاذ وحسنه الترمذي. نعم المتحيرة لا تجمع تقديما كما قاله في زيادة الروضة والمجموع. قال في المهمات: ووجه امتناعه أن الجمع في وقت الأولى شرطه تقدم الأولى صحيحة يقينا أو ظنا، وهو منتف ههنا بخلاف الجمع في وقت الثانية. قال الزركشي: ومثلها في جمع التقديم فاقد الطهورين وكل من لم تسقط صلاته بالتيمم، قال شيخنا: ولو حذف بالتيمم كان أولى، أي ليشمل غير المتيمم. (وكذا) يجوز له الجمع في السفر (القصير في قول) قديم كالتنفل على الراحلة، ووجه مقابلة القياس على القصر، والمجموعة في وقت الأخرى أداء كالأخرى لأن وقتيهما صارا واحدا. وخرج بما ذكر الصبح من غيرها والعصر مع المغرب فلا جمع فيهما لأنه لم يرد.
ولا في الحضر ولا في سفر قصر ولو لمكي ولا في سفر معصية. وأشار بقوله: يجوز إلى أن الأفضل ترك الجمع خروجا من خلاف أبي حنيفة، وصرح بذلك في الروضة من غير استثناء، لكن يستثنى في الحج الجمع بعرفة كما قاله الامام، وبمزدلفة كما بحثه الأسنوي، فإن الجمع فيهما أفضل قطعا فإنه مستحب للاتباع، وسببه السفر في الأظهر لا النسك كما سيأتي إن شاء الله تعالى في الحج، وإن صحح المصنف في منسكه الكبير أن سببه النسك لأنه خلاف ما صححه في سائر كتبه.
ويستثنى أيضا الشاك والراغب عن الرخصة كما اقتضاه كلام البغوي في التعليق وغيره، ومن إذا جمع صلى جماعة أو خلا عن حدثه الدائم أو كشف عورته فالجمع أفضل كما قاله الأذرعي، وكذا من خاف فوت عرفة أو عدم إدراك العدو لاستنقاذ أسير ونحو ذلك. (فإن كان سائرا وقت الأولى) نازلا في وقت الثانية كسائر يبيت بمزدلفة، (فتأخيرها أفضل، وإلا) بأن لم يكن سائرا وقت الأولى بأن كان نازلا فيه سائرا في وقت الثانية، (فعكسه) للاتباع، رواه الشيخان في الظهر والعصر وأبو داود وغيره في المغرب والعشاء، ولأنه أوفق للمسافر. وما قررت به كلام المتن هو ظاهر كلامهم، وبقي ما لو كان سائرا في وقتيهما أو نازلا فيه، فالذي يظهر أن التأخير أفضل، لأن وقت الثانية وقت للأولى حقيقة بخلاف العكس. (وشروط التقديم ثلاثة) بل أربعة، أحدها: (البداءة بالأولى) لأن الوقت لها والثانية تبع لها، فلو صلى العصر قبل الظهر لم تصح ويعيدها بعد الظهر إن أراد الجمع، وكذا لو صلى العشاء قبل المغرب لأن التابع لا يتقدم على متبوعه. (فلو صلاهما) مبتدئا بالأولى (فبان فسادها) بفوات شرط أو ركن (فسدت الثانية) أيضا لانتفاء شرطها من البداءة بالأولى، والمراد بفسادها بطلان كونها عصرا أو عشاء لا أصل الصلاة بل تنعقد نافلة على الصحيح كما نقله في الكفاية عن البحر وأقره، كما لو أحرم بالفرض قبل وقته جاهلا بالحال. (و) ثانيها: (نية الجمع) ليتميز التقديم المشروع عن التقديم سهوا. (ومحلها) الفاضل (أول الأولى) كسائر المنويات فلا يكفي تقديمها بالاتفاق، (وتجوز في أثنائها في الأظهر) لحصول الغرض بذلك، والثاني: لا يجوز قياسا على نية القصر بجامع أنهما رخصتا سفر. وأجاب الأول بأن الجمع هو ضم الثانية إلى الأولى فحيث وجدت نيته وجد، بخلاف نية القصر فإنها لو تأخرت لتأدي بعض الصلاة على التمام، وحينئذ يمتنع القصر كما مر. وعلى الأول تجوز مع التحلل منها أيضا في الأصح وإن أوهم تعبيره بالاثناء عدم الصحة، وقدرت الفاضل تبعا للشارح لأجل الخلاف بعدم الصحة فيما إذا نوى في أثنائها فإنه لا فضل فيه. ولو نوى الجمع أول الأولى ثم نوى تركه ثم قصد فعله ففيه القولان في نية الجمع في أثنائها كما نقله في الروضة عن الدارمي. ولو شرع في الظهر أو المغرب بالبلد في سفينة فسارت فنوى الجمع، فإن لم تشترط النية مع التحرم صح لوجود السفر وقتها وإلا فلا. قال بعض المتأخرين: ويفرق بينها وبين حدوث المطر في أثناء الأولى حيث لا يجمع به كما سيأتي بأن السفر باختياره فنزل اختياره له في ذلك منزلته بخلاف المطر حتى لو لم يكن