قال الزركشي: إنما يتم إذا لم يتعمد ما يقتضي السجود، فإن تعمده فليس ذلك لائقا، بل اللائق الاستغفار. قال الأذرعي:
وسكتوا عن الذكر بينهما، والظاهر أنه كالذكر بين سجدتي صلب الصلاة، فإن سجد ولم يأت بالشروط قال الأسنوي:
احتمل بطلان الصلاة لأنه زاد فيها فعلا لا يعتد به، والمتجه الصحة، ويكون ذلك رجوعا عن إتمام النفل اه. وما جمع به بين كلام ابن الرفعة والقفال يقال هنا أيضا. (والجديد أن محله بين تشهده وسلامه) وذلك لخبر مسلم السابق، ولأنه (ص) صلى بهم الظهر فقام من الأوليين ولم يجلس، فقام الناس معه حتى إذا قضى الصلاة وانتظر الناس تسليمه كبر وهو جالس فسجد سجدتين قبل أن يسلم ثم سلم، رواه الشيخان. قال الزهري: وفعله قبل السلام هو آخر الامرين من فعله (ص) ولأنه لمصلحة الصلاة، فكان قبل السلام، كما لو نسي سجدة منها. وأجابوا عن سجوده بعده في خبر ذي اليدين بحمله على أنه لم يكن عن قصد مع أنه لم يرد لبيان حكم سجود السهو سواء أكان السهو بزيادة أم بنقص أم بهما. ومقابل الجديد قديمان: أحدهما أنه إن سها بنقص سجد قبل السلام أو بزيادة فبعده، والثاني: أنه مخير بين التقديم والتأخير لثبوت الامرين. وقوله: بين تشهده وسلامه، أي مع الذكر الذي بعده من الصلاة على النبي (ص) والصلاة على الآل والأدعية.
وعبارة ابن المقري: ومحلهما قبيل السلام أي بحيث لا يتخلل بينهما شئ من الصلاة كما أفاده تصغير قبل، نعم المسبوق إذا استخلف وعلى المستخلف سجود سهو فإنه يسجد آخر صلاة الإمام سجدتي السهو، ويسجد من خلفه ثم يقوم ويفارقونه، ذكر القاضي حسين عند كيفية الجلوس في التشهد: وتشترط له النية، لأن نية الصلاة لم تشمله ولا يطلب بعده تشهد كما علم مما مر. (فإن سلم عمدا) أي ذاكرا للسهو، (فات) السجود (في الأصح) لأنه قطع الصلاة بالسلام. والثاني:
أن العمد كالسهو، فإن قصر الفصل سجد وإلا فلا. (أو سهوا وطال الفصل) عرفا، (فات) السجود (في الجديد) لفوات المحل بالسلام وتعذر البناء بالطول، بخلاف القديم في السهو بالنقص، فلا يفوت عليه لأنه جبران عبادة فيجوز أن يتراخى عنها كجبرانات الحج. (وإلا) أي وإن لم يطل الفصل ولم يرد السجود فلا سجود لعدم الرغبة فيه، فصار كالمسلم عمدا في أنه فوته على نفسه بالسلام. فإن أراده (فلا) يفوت (على النص) لما تقدم من الحديث المحمول على ذلك، وقيل: يفوت حذرا من إلغاء السلام بالعود إلى الصلاة. نعم لو سلم من الجمعة فخرج الوقت أو سلم القاصر فنوى الإقامة أو بلغت سفينته دار إقامته فاته السجود فلا يأتي به لما فيه من تفويت الجمعة في الأولى وفعل بعض الصلاة بدون سببها في الثانية وصحت جمعته وصلاته المقصورة. ويفوت أيضا فيما لو رأى المتيمم الماء عقب السلام أو انتهت مدة المسح أو تخرق الخف أو شفي دائم الحدث أو نحو ذلك، كما لو أحدث عقب سلامه فإنه لا يتداركه وإن أمكنه الطهر في الحال بأن كان واقفا في ماء. (وإذا سجد) فيما إذا قرب الفصل على النص أو مع طوله على القديم، (صار عائدا إلى الصلاة) بلا إحرام (في الأصح) كما لو تذكر بعد سلامه ركنا. والمتجه كما قال في المهمات أنه يعود إليها بالهوي بل بإرادة السجود كما أفاده كلام الغزالي وجماعة واعتمده شيخي، فلو أحدث فيها بطلت صلاته أو نوى القاصر في سجوده الاتمام أو بلغت فيه سفينته دار إقامته لزمه الاتمام ولا يعيد التشهد بل يعيد السلام. والثاني: لا يصير عائدا لأن التحلل حصل بالسلام.
تنبيه: قال في الخادم: هل معنى قولهم صار عائدا إلى الصلاة أنا نتبين بعوده إلى السجود أنه لم يخرج منها أصلا أو أنه خرج منها ثم عاد إليها؟ الصواب الأول، فإنه يستحيل الخروج من الصلاة ثم العود إليها بلا نية ولا تكبيرة إحرام، وبه صرح الإمام، ولما قدم أن سجود السهو وإن كثر سجدتان: أي لأنه يجبر ما قبله وما وقع فيه وبعده حتى لو سجد للسهو ثم سها قبل سلامه بكلام أو غيره أو سجد للسهو ثلاثا سهوا فلا يسجد ثانيا لأنه لا يأمن وقوع مثله في السجود ثانيا فيتسلسل. قال الدميري: وهذه المسألة التي سأل عنها أبو يوسف الكسائي، لما ادعى أن من تبحر في علم اهتدى به إلى سائر العلوم، فقال له: أنت إمام في النحو والأدب فهل تهتدي إلى الفقه؟ فقال: سل ما شئت فقال: لو سجد سجود