مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ١٩١
وغيره، وهو كذلك، وإن قال الأذرعي: إن في النفس من عظم غير المحترم كالحربي والمرتد شيئا. (وإلا) أي وإن وصله به مع وجود الطاهر الصالح أو لم يحتج إلى الوصل حرم عليه لتعديه، و (وجب) عليه نزعه وأجبر على ذلك (إن لم يخف ضررا ظاهرا) وهو ما يبيح التيمم. ولو اكتسى لحما لحمله نجاسة تعدى بحملها مع تمكنه من إزالتها، كوصل المرأة شعرها بشعر نجس، فإن امتنع لزم الحاكم نزعه لأنه مما تدخله النيابة كرد المغصوب، ولا مبالاة بألمه في الحال إذا لم يخف منه في المآل، ولا تصح صلاته معه لأنه حامل لنجاسة في غير معدنها تعدى بحملها ويمكنه إزالتها، بخلاف شارب الخمر فإنه تصح صلاته وإن لم يتقايأ ما شربه تعديا لحصوله في معدن النجاسة. (قيل) ويجب نزعه أيضا (وإن خاف) ضررا ظاهرا لتعديه، لأن ذلك يؤدي إلى أن يصلي بقية عمره بنجاسة تعدى بحملها ونحن نقتله بترك صلاة واحدة، والأصح عدم الوجوب رعاية لخوف الضرر فتصح صلاته، وكذا إمامته في أحد وجهين يظهر ترجيحه كصحة صلاة الطاهرة خلف المستحاضة، وقيل: إن استتر باللحم لم يجب نزعه، وقيل: إن خاف تلف نفس أو عضو أو منفعة لم يجب وإلا وجب، وقال الأذرعي:
إنه الذي اشتمل عليه أكثر الكتب. (فإن مات) من وجب عليه النزع، (لم ينزع على الصحيح) المنصوص لهتك حرمته ولسقوط التعبد عنه. قال الرافعي: وقضية التعليل الأول تحريم النزع والثاني حله اه‍. والذي صرح به الماوردي والروياني ونقله في البيان عن عامة الأصحاب تحريمه مع تعليلهم بالثاني، وهذا هو المعتمد وإن كان قضية كلام المحرر وغيره الحل، والثاني: ينزع لئلا يلقى الله تعالى حاملا لنجاسة تعدى بحملها. فإن قيل: هذا التعليل لا يتأتى على مذهب أهل السنة لأن الله تعالى يعيد جميع أجزاء الميت حتى ما احترق كما كانت. أجيب بأن يلقاه في القبر فإنه في معنى لقاء الله تعالى، وقيل: إن المعاد من أجزاء الميت هو التي مات عليها، وبالجملة فالأولى أن يعلل بأنه يجب غسل الميت طلبا للطهارة لئلا يبقى عليه نجاسة، وهذا نجس فتجب إزالته.
فروع: الوشم، وهو غرز الجلد بالإبرة حتى يخرج الدم ثم يذر عليه نحو نيلة ليرزق أو يخضر بسبب الدم الحاصل بغرز الجلد بالإبرة حرام لخبر الصحيحين: لعن الله الواصلة والمستوصلة، والواشمة والمستوشمة، والواشرة والمستوشرة، والنامصة والمتنمصة أي فاعلة ذلك وسائلته، فتجب إزالته ما لم يخف ضررا يبيح التيمم، فإن خاف لم يجب إزالته ولا إثم عليه بعد التوبة. وهذا إذا فعله برضاه كما قال الزركشي: أي بعد بلوغه وإلا فلا تلزمه إزالته كما صرح به الماوردي، أي وتصح صلاته وإمامته ولا ينجس ما وضع فيه يده مثلا إذا كان عليها وشم. ولو داوى جرحه بدواء نجس، أو خاطه بخيط نجس أو شق موضعا في بدنه وجعل فيه دما فكالجبر بعظم نجس فيما مر. ولو غسل شارب الخمر أو نجس آخر فمه وصلى صحت صلاته ووجب عليه أن يتقايأه إن قدر عليه بلا ضرر يبيح التيمم وإن شربه لعذر. ووصل شعر الآدمي بشعر نجس أو شعر آدمي حرام للخبر السابق، ولأنه في الأول مستعمل للنجس العيني في بدنه، وفي الثاني مستعمل لشعر آدمي والآدمي يحرم الانتفاع به وبسائر أجزائه لكرامته. ويحرم بغير إذن زوج أو سيد وصل شعر بغيرهما، وكالشعر الخرق والصوف كما قاله في المجموع، قال: وأما ربط الشعر بخيوط الحرير الملونة ونحوها مما لا يشبه الشعر فليس بمنهي عنه. وتجعيد الشعر، ووشر الأسنان: وهو تحديدها وترقيقها، للخبر السابق أيضا، والخضاب بالسواد لخبر: يكون قوم يخضبون في آخر الزمان بالسواد كحواصل الحمام لا يريحون رائحة الجنة رواه أبو داود وغيره. وتحمير الوجنة بالحناء ونحوه. وتطريف الأصابع به مع السواد. والتنميص: وهو الاخذ من شعر الوجه والحاجب للحسن لما في ذلك من التغرير، أما إذا أذن لها الزوج أو السيد في ذلك فإنه يجوز لأن له غرضا في تزيينها له وقد أذن لها فيه، هذا ما في الروضة وأصلها، وخالف في التحقيق في الوصل والوشر فألحقهما بالوشم في المنع مطلقا، والأول أوجه. ويكره نتف الشيب من المحل الذي لا يطلب منه إزالة شعره لخبر: لا تنتفوا الشيب فإنه نور المسلم يوم القيامة رواه الترمذي وحسنه، وإن نقل ابن الرفعة تحريمه عن نص الام، وقال في المجموع: ولو قيل بتحريمه لم يبعد. ونتف لحية المرأة وشاربها مستحب لأن ذلك مثلة في حقها.
ويسن خضب الشيب بالحناء ونحوه للاتباع. ويسن للمرأة المزوجة أو المملوكة خضب كفيها وقدميها بذلك تعميما لأنه زينة
(١٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 186 187 188 189 190 191 192 193 194 195 196 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532