مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ١٠٣
خلافا لما في الأنوار من وجوب النزع. ولو رأى الماء في أثناء قراءة قد تيمم لها بطل تيممه بالرؤية، سواء أنوى قراءة قدر معلوم أم لا لبعد ارتباط بعضها ببعض، قاله الروياني. (و) الأصح (أن المتنفل) الواجد للماء في صلاته الذي لم ينو قدرا، (لا يجاوز ركعتين) بل يسلم منهما لأنه الاحب والمعهود في النفل، هذا إذا رأى الماء قبل قيامه للثالثة فما فوقها وإلا أتم ما هو فيه كما صرح به القاضي أبو الطيب وغيره. وقيل: له أن يزيد ما شاء كما له تطويل الأركان. وقيل: يقتصر على ركعة بناء على أن حمل النذر المطلق عليها، إلا من نوى شيئا عددا أو ركعة فيتمه لانعقاد نيته عليه فأشبه المكتوبة المقدرة، ولا يزيد عليه لأن الزيادة كافتتاح نافلة بدليل افتقارها إلى قصد جديد. ولو عبر بما قدرته ليشمل الركعة لكان أولى، فإنه لا يزيد عليها كما مر، لأن الواحد ليس بعدد وإنما هو مبدأ العدد. ولو رأى الماء في أثناء الطواف ، قال الفوراني: إن قلنا يجوز تفريقه، أي وهو الأصح، توضأ وإلا فكالصلاة. ثم شرع في الحكم الثاني وهو ما يستباح بالتيمم، فقال: (ولا يصلي بتيمم غير فرض) لأن الوضوء كان لكل فرض، لقوله تعالى: * (إذا قمتم إلى الصلاة) * والتيمم بدل عنه، ثم نسخ ذلك في الوضوء بأنه (ص) صلى يوم الفتح خمس صلوات بوضوء واحد فبقي التيمم على ما كان عليه، ولما روى البيهقي بإسناد الصحيح عن ابن عمر قال: يتيمم لكل صلاة وإن لم يحدث ولأنه طهارة ضرورة. ومثل فرض الصلاة في ذلك فرض الطواف وخطبة الجمعة، فيمتنع الجمع بتيمم واحد بين طوافين مفروضين وبين طواف فرض وفرض صلاة وبين صلاة الجمعة وخطبتها على ما رجحاه. وهو المعتمد، لأن الخطبة وإن كانت فرض كفاية ألحقت بفرض العين، إذ قيل إنها قائمة مقام ركعتين. فإن قيل: لم جمع بين خطبتي الجمعة بتيمم وهما فرضان؟ أجيب بأنهما في حكم شئ واحد، ولو عبر بقوله: ولا يفعل بتيمم غير فرض كان أولى ليعم الطوافين والطواف والصلاة كما تقرر. والصبي لا يؤدي بتيممه غير فرض كالبالغ لأن ما يؤديه كالفرض في النية وغيرها، نعم لو تيمم للفرض ثم بلغ لم يصل به الفرض لأن صلاته نفل كما صححه في التحقيق ونقله في المجموع عن العراقيين. فإن قيل: لم جعل كالبالغ في أنه لا يجمع بتيمم فرضين ولا يصلي به الفرض إذا بلغ؟ أجيب بأن ذلك احتياطا للعبادة في أنه يتيمم للفرض الثاني ويتيمم إذا بلغ، وهذا في غاية الاحتياط. وخرج بما ذكر تمكين الحائض من الوطئ مرارا وجمعها بين فرض آخر بتيمم واحد، فإنهما جائزان. وقول الدميري: ويستثنى من إطلاقه المتيمم للجنابة عند عجزه عن الماء إذا تجردت جنابته عن الحدث فإنه يصلي بتيممه فرائض ضعيف تبع فيه صاحب الحاوي الصغير ونقله عن صاحب المصباح، وهو غير مرضي لأن الجنابة مانعة. (ويتنفل) مع الفريضة وبدونها بتيمم، (ما شاء) لأن النوافل تكثر فيؤدي إيجاب التيمم لكل صلاة منها إلى الترك أو إلى حرج عظيم، فخفف في أمرها كما خفف بترك القيام فيها مع القدرة، وبترك القلة في السفر. ولو نذر إتمام كل صلاة دخل فيها فله جمعها مع فرض لأن ابتداءها نفل، ذكره الروياني. ولو صلى بالتيمم منفردا أو في جماعة ثم أراد إعادتها جماعة به جاز كما صرح به الخفاف، لأن فرضه الأولى على الأصح كما سيأتي في محله. ثم كل صلاة أوجبناها في الوقت وأوجبنا إعادتها كمربوط على خشبة ففرضه الثانية وله أن يعيدها بتيمم الأولى، لأن الأولى وإن وقعت نفلا فالاتيان بها فرض. فإن قيل: كيف جمعهما بتيمم مع أن كلا منهما فرض؟
أجيب بأن هذا كالمنسية من خمس يجوز جمعها بتيمم وإن كانت فروضا، لأن الفرض بالذات واحدة. ويؤخذ من ذلك أنه لو تيمم للجمعة ولزمه إعادة الظهر كان له أن يصليه بذلك التيمم لما ذكر. (والنذر) بالمعجمة (كفرض) عيني (في الأظهر) لتعينه على الناذر فأشبه المكتوبة، فليس له أن يجمعه مع فرض آخر مؤداة كانت أو مقضية بتيمم واحد، والثاني:
لا، لأنه واجب لعارض فلا يلحق بالفرض الأصلي فله ما ذكر. ولو تعين على ذي حدث أكبر تعلم فاتحة أو حمل مصحف أو نحو ذلك كحائض انقطع حيضها وأراد الزوج وطأها وتيمم من ذكر لفريضة، كان له أن يجمع ذلك معها خلافا لبعض المتأخرين من أنه كالمنذور. (والأصح صحة جنائز) أو جنازتين أو جنازة كما فهم بالأولى، (مع فرض) بتيمم واحد، وإن تعينت عليه بأن لم يحضر غيره لأنها ليست من جنس فرائض الأعيان فهي كالنفل في جواز الترك في الجملة، وإنما تعين القيام
(١٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 98 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532