مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ١٠١
الراحتين بالأخرى كما مر عند الفراغ من مسح الذراعين، وإنما لم يجب لأن فرضهما تأدى بضربهما بعد مسح الوجه.
وإنما جاز مسح الذراعين بترابهما لعدم انفصاله وللحاجة، إذ لا يمكن مسح الذراع بكفها فصار كنقل الماء من بعض العضو إلى بعضه كما قاله في المجموع. قال شيخنا: وينبغي أن يكون مراده بنقل الماء تقاذفه الذي يغلب كما عبر به الرافعي، وهو مراده بلا شك. (ويجب نزع خاتمه في الثانية) ليصل التراب إلى محله، ولا يكفي تحريكه، (والله أعلم ) وهذا بخلاف الوضوء لأن التراب كثيف لا يسري إلى ما تحت الخاتم بخلاف الماء. وأفهم أنه لا يجب في الأولى، وهو كذلك، بل هو مستحب ليكون مسح جميع الوجه باليد اتباعا للسنة. وإيجاب النزع إنما هو عند المسح لا عند النقل، وإن كان ظاهر عبارته الثاني. وإيجابه ليس لعينه، بل لايصال التراب إلى ما تحته، لأنه لا يتأتى غالبا إلا بالنزع، فإن فرض وصوله إلى ما تحته لوسعه مثلا لم يجب نزعه. والخاتم بفتح التاء وكسرها، قال تعالى: * (وخاتم النبيين) * قرئ بفتح التاء وكسرها. ويقال فيه خاتام وخيتام وختم بفتح الأول والثاني، وختام على وزن كتاب. ويسن عدم تكرار المسح، لأن المطلوب فيه تخفيف التراب، وأن يأتي بالشهادتين عقبه، وأن يستقبل القبلة كالوضوء فيهما. ولو مسح وجهه بيده النجسة لم يجز كالمسح عليها كما لا يصح غسلها عن الحدث مع بقاء النجاسة، ولان التيمم لإباحة الصلاة ولا إباحة مع المانع فأشبه التيمم قبل الوقت، وتقدم في آداب الخلاء وجوب تقديم الاستنجاء على التيمم، ويجب أيضا تقديم إزالة نجس بباقي البدن كما صححه في التحقيق في باب الاستنجاء، وهو المفتى به فإنه المنصوص في الام. ولو تنجس بدنه بعد أن تيمم لم يبطل تيممه. ويصح تيمم العريان ولو كان قادرا على السترة والتيمم قبل الاجتهاد في القبلة، قال في التحقيق:
كتيمم من عليه نجاسة، ونقله في الروضة وغيرها عن الروياني. وقضيته عدم الصحة، ويفرق بينه وبين الصحة مع العري بأن الستر أخف من معرفة القبلة بدليل صحة الصلاة مع العري بلا إعادة بخلافها مع عدم معرفة القبلة، هذا والأوجه الصحة كصحته قبل الستر. ويفارق إزالة النجاسة أنه أخف منها، ولهذا تصح صلاة من صلى أربع ركعات لأربع جهات بالاجتهاد بلا إعادة بخلاف إزالة النجاسة. والتشبيه المذكور لا يستلزم إتحاد المشبه والمشبه به في الترجيح.
ثم شرع في أحكام التيمم وهي ثلاثة: أحدها: ما يبطله غير الحدث المبطل له، وقد بدأ به فقال: (من تيمم لفقد ماء فوجده إن لم يكن في صلاة بطل) تيممه، وإن ضاق الوقت بالاجماع كما قاله ابن المنذر، ولخبر أبي ذر: التراب كافيك ولو لم تجد الماء عشر حجج فإذا وجدت الماء فأمسه جلدك رواه الحاكم وصححه الترمذي وقال حسن صحيح، ولأنه لم يشرع في المقصود فصار كما لو رآه في أثناء التيمم. ووجود ثمن الماء عند إمكان شرائه كوجود الماء، وكذا توهم الماء وإن زال سريعا لوجوب طلبه، بخلاف توهمه السترة لا يجب عليه طلبها، لأن الغالب عدم وجدانها بالطلب للبخل بها. ومما يبطله أيضا الردة كما مر في الوضوء. ومن التوهم رؤية سراب وهو ما يرى نصف النهار كأنه ماء، أو رؤية غمامة مطبقة بقربه، أو رؤية ركب طلع، أو نحو ذلك مما يتوهم معه الماء، فلو سمع قائلا يقول: عندي ماء لغائب، بطل تيممه لعلمه بالماء قبل المانع، أو يقول: عندي لغائب ماء، لم يبطل تيممه لمقارنة المانع وجود الماء، ولو قال: عندي لحاضر ماء، وجب طلبه منه، ولو قال: لفلان ماء ولم يعلم السامع غيبته ولا حضوره وجب السؤال عنه، أي وبطل تيممه في الصورتين لما مر من أن وجوب الطلب يبطله. ولو سمعه يقول: عندي ماء ورد هل يبطل تيممه أو لا؟ فيه نظر، ولم أر من تعرض له، ثم رأيت بعض المتأخرين تعرض له وجزم ببطلان التيمم، ووجود ما ذكر قبل تمام تكبير الاحرام كوجوده قبل الشروع فيها، فإن قلت: هلا كان وجود الماء كوجود المكفر الرقبة بعد فراغه من الصوم، وكحيض المرأة بعد فراغها من العدة بالأشهر أجيب بأن الصوم والأشهر مقصودان بخلاف التيمم، أما بعد شروعه فيها فلا بطلان بتوهم أو شك أو ظن، وسيأتي حكم التيقن. واحترز بقوله: لفقد ماء عما إذا تيمم لمرض ونحوه فإنه إنما يبطل تيممه بالقدرة على استعماله، ولا أثر لوجوده وإنما يبطله وجود الماء أو توهمه. (إن لم يقترن بمانع) يمنع من استعماله (كعطش) وسبع، لأن وجوده والحالة هذه
(١٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 106 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532