المستأجر، ففي إجباره ما ذكرناه في إجبار المستعير. فإن أجبرناه، كلف تفريغ الأرض مجانا، وإلا، فلا، بل هو كما لو امتنع المؤجر من الاختيار، وحينئذ هل يبيع الحاكم الأرض بما فيها، أم يعرض عنهما؟ فيه خلاف سبق.
فرع الإجارة الفاسدة للغراس والبناء كالصحيحة في تخيير المالك ومنع القلع مجانا.
فصل إذا استأجر لزراعة جنس معين، جاز أن يزرعه وما ضرره مثل ضرره أو دونه، لا ما فوقه، والحنطة فوق ضرر الشعير. وكل واحد من الذرة والأرز فوق ضرر الحنطة. وعن البويطي: أنه لا يجوز غير زرع المعين، فقيل: هو قول للشافعي رضي الله عنه. وقيل: هو مذهب للبويطي. وكيف كان، فالمذهب جوازه. هذا إذا عين جنسا أو نوعا. فلو قال: أجرتكها لزرع هذه الحنطة، ففي صحة العقد وجهان. أحدهما: المنع، لان تلك الحنطة قد تتلف. والثاني:
الصحة، وهو اختيار ابن كج، ولا تتعذر الزراعة بتلف تلك الحنطة.
قلت: الأصح: الصحة، لأنه لا يتعذر بتلف الحنطة. ولو تعذر، لم يكن احتمال التلف مانعا، كالاستئجار لارضاع هذا الصبي، والحمل على هذه الدابة.
والله أعلم ولو قال: لتزرع هذه الحنطة ولا تزرع غيرها، فأوجه. أحدها: يفسد العقد، لا ينافي مقتضاه. قال ابن كج والروياني: وهذا هو المذهب. والثاني وهو اختيار الإمام: صحة العقد وفساد الشرط، لأنه شرط لا يتعلق به غرض، فهو كقوله: أجرتك على أن لا تلبس إلا الحرير. والثالث: يصح العقد والشرط، لأنه يملك المنفعة من المؤجر، فملك بحسب التمليك.
قلت: الأول أقوى. والله أعلم وعلى هذا قياس طريق أخرى فيه ولو ركبها في استيفاء سائر المنافع. فإذا استأجر دابة للركوب في طريق، لم يركبها في مثل ذلك الطريق. وإذا استأجر لحمل الحديد، لم يحمل القطن ولا العكس، وإذا استأجر دكانا لصنعة، منع مما فوقها في الضرر.