قلت: هذا المحكي عن أبي عاصم، هو فيما إذا كانت الهدية لا تقابل. فأما إن كانت عوضا، فالظرف أمانة في يده كالإجارة الفاسدة، كذا حكاه المتولي عن أبي عاصم. والله أعلم.
فرع قال: أعرتك حماري لتعيرني فرسك، فهي إجارة فاسدة، وعلى كل واحد أجرة مثل دابة صاحبه، وكذا الحكم، لو أعاره شيئا بعوض مجهول، كما لو أعاره دابة ليعلفها، أو داره ليطين سطحها، وكذا لو كان العوض معلوما، ولكن مدة الإعارة مجهولة، كقوله: أعرتك داري بعشرة دراهم، أو لتعيرني ثوبك شهرا. وفي وجه ضعيف: أنها عارية فاسدة، نظرا إلى اللفظ، فعلى هذا تكون مضمونة عليه، وعلى الأول: لا ضمان، ولو بين مدة الإعارة وذكر عوضا معلوما، فقال: أعرتك هذه الدار شهرا من اليوم بعشرة دراهم، أو لتعيرني ثوبك شهرا من اليوم، فهل هي إجارة صحيحة، أو إعارة فاسدة؟ وجهان، بناء على أن الاعتبار باللفظ، أو المعنى؟
فرع دفع دراهم إلى رجل وقال: اجلس في هذا الحانوت واتجر فيها لنفسك، أو دفع إليه بذرا وقال: ازرعه في هذه الأرض، فهو معير للحانوت والأرض، وأما الدراهم والبذر، فهل يكون هبة، أم قرضا؟ وجهان.
الباب الثاني في أحكامها وهي ثلاثة.
الأول: الضمان. فإذا تلفت العين في يد المستعير، ضمنها، سواء تلفت