فصل في الحمى هو أن يحمي بقعة من الموات لمواش بعينها، ويمنع سائر الناس الرعي فيها، وكان لرسول الله (ص) أن يحمي لخاصة نفسة، ولكنه لم يفعله (ص)، وإنما حمى النقيع لا بل الصدقة ونعم الجزية وخيل المجاهدين.
قلت: النقيع بالنون عند الجمهور، وهو الصواب. وقيل: بالباء الموحدة، وبقيع الغرقد بالباء قطعا. والله أعلم وأما غير رسول الله (ص)، فليس للآحاد الحمى قطعا، ولا للأئمة لأنفسهم، وفي حماهم لمصالح المسلمين، قولان. أظهرهما: الجواز. وقيل: يجوز قطعا.
فإذا جوزناه، فهل يختص بالامام الأعظم، أم يجوز أيضا لولاته في النواحي؟
وجهان حكاهما ابن كج وغيره. أصحهما: الثاني. وسواء حمى لخيل المجاهدين، أم لنعم الجزية والصدقة، والضوال، ومال الضعفاء عن الابعاد في طلب النجعة، ثم لا يحمي إلا الأقل الذي لا يبين ضرره على الناس ولا يضيق الامر عليهم، ثم ما حماه رسول الله (ص)، نص فلا ينقض ولا يغير بحال، هذا هو المذهب. وقيل: إن بقيت الحاجة التي حمى لها، لم يغير. وإن زالت، فوجهان. أصحهما: المنع، لأنه تغيير المقطوع بصحته باجتهاد. وأما حمى غيره (ص)، فإذا ظهرت المصلحة في تغييره، جاز نقضه ورده إلى ما كان على الأظهر رعاية للمصلحة. وفي قول: لا يجوز كالمقبرة والمسجد. وقيل: يجوز للحامي نقض حماه، ولا يجوز لمن بعده من الأئمة، وإذا جوزنا نقضه، فأحياه رجل باذن الامام، ملكه وكان الاذن في الاحياء نقضا. وإن استقل المحيي، فوجهان. ويقال: قولان منصوصان. أصحهما: المنع، لما فيه من الاعتراض على تصرف الامام وحكمه.