لا الأولى ولا غيرها. وأصحهما: لا تكسر الكسر الفاحش لكن تفصل.
وفي حد التفصيل وجهان. أحدهما: قدر لا يصلح معه للاستعمال المحرم، حتى إذا رفع وجه البربط وبقي على صورة قصعة، كفى، والثاني: أن يفصل إلى حد حتى لو فرض اتخاذ آلة محرمة من مفصلها لنال الصانع التعب الذي يناله في ابتداء الاتخاذ، وهذا بأن يبطل تأليف الاجزاء كلها حتى تعود كما كانت قبل التأليف، وهذا أقرب إلى كلام الشافعي رضي الله عنه وجماهير الأصحاب. ثم ما ذكرناه من الاقتصار على تفصيل الاجزاء، هو فيما إذا تمكن المحتسب منه، أما إذا منعه من في يده ودافعه عن المنكر، فله إبطاله بالكسر قطعا. وحكى الامام اتفاق الأصحاب على أن قطع الأوتار لا يكفي لأنها مجاورة لها منفصلة. ومن اقتصر في إبطالها على الحد المشروع، فلا شئ عليه. ومن جاوزه، فعليه التفاوت بين قيمتها مكسورة بالحد المشروع، وبين قيمتها منتهية إلى الحد الذي أنى به. وإن أحرقها فعليه قيمتها مكسورة الحد المشروع.
قلت: قال الغزالي في البسيط: أجمعوا على أنه لا يجوز إحراقها، لان رضاضها متمول. ومما يتعلق بهذا الفصل، أن الرجل، والمرأة، والعبد، والفاسق، والصبي المميز، يشتركون في جواز الاقدام على إزالة هذا المنكر وسائر المنكرات، ويثاب الصبي عليها كما يثاب البالغ، ولكن إنما تجب إزالته على المكلف القادر. قال الغزالي في الاحياء: وليس لاحد منع الصبي من كسر الملاهي وإراقة الخمور وغيرهما من المنكرات، كما ليس له منع البالغ، فإن الصبي وإن لم يكن مكلفا، فهو من أهل القرب، وليس هذا من الولايات، ولهذا يجوز للعبد والمرأة وآحاد الرعية، وسيأتي ذلك مبسوطا مع ما يتعلق به في كتاب السير إن شاء الله تعالى. والله أعلم الطرف الثالث: وفي قدر الواجب، فما كان مثليا، ضمن بمثله. وما كان متقوما، فبالقيمة.