الضرب الثاني: إذا أمكن فصله عن الثوب، فقد حكي قول عن القديم: أنه إن كان المفصول لا قيمة له، فهو كالسمن، والمشهور أنه ليس كالسمن، فلا يفوز به المغصوب منه. وهل يملك إجبار الغاصب على فصله؟ وجهان. أصحهما عند العراقيين: لا. وأصحهما: عند البغوي وطائفة: نعم، واختاره الامام، ونقل القطع به عن المراوزة. وإنما الخلاف، فيما إذا كان الغاصب يخسر بالفصل خسرانا بينا، وذلك، قد يكون لضياع المنفصل بالكلية، وقد يكون لحقارته بالإضافة إلى قيمة الصبغ. ومن جملة الضياع، أن يحدث في الثوب نقص بسبب الفصل لا تفي بأرشه قيمة المفصول. ولو رضي المغصوب (منه) بابقاء الصبغ وأراد الغاصب فصله، فله ذلك إن لم ينقص الثوب، وكذا إن نقص على الأصح. وإن تراضيا على ترك الصبغ بحاله، فهما شريكان. وكيفية الشركة، كما سبق في الضرب الأول.
فرع لو ترك الغاصب الصبغ للمالك، فهل يجبر كالنعل في الدابة المردودة بالعيب لأنه تابع، أم لا، كالبناء والغراس إذا تركه الغاصب؟ وجهان. قال الروياني: أصحهما: الأول. قال الرافعي: بل الثاني أقيس وأشبه.
قلت: الثاني أصح. وممن صححه، صاحب التنبيه قال الجرجاني:
ويجري الوجهان فيما لو غصب بابا وسمره بمسامير للغاصب وتركها للمالك. والله أعلم.
ثم قيل، الوجهان فيما إذا أمكن فصل الصبغ، وفيما إذا لم يمكن.
والأصح: تخصيصهما بما إذا أمكن وقلنا: إن الغاصب يجبر على الفصل، وإلا فهما شريكان لا يجبر واحد منهما على قبول هبة الآخر. وعلى هذا، فطريقان.
أحدهما: أن الوجهين فيما إذا كان يتضرر بالفصل، إما لما يناله من التعب، وإما