فعلى الأول: له أن ينتفع كيف شاء. وقال الروياني: ينتفع بما هو العادة فيه، وهذا أحسن. وعلى الثاني: لو قال: أعرتك لتنتفع به كيف شئت، أو لتفعل به ما بدا لك، فوجهان.
الحكم الثالث: الجواز. فللمعير الرجوع متى شاء، وللمستعير الرد متى شاء، سواء العارية المطلقة والمؤقتة، إلا في صورتين.
الأولى: إذا أعار أرضا لدفن ميت، فدفن، لم يكن له الرجوع ونبش القبر إلى أن يندرس أثر المدفون، وله سقي الأشجار التي فيها إن لم يفض إلى ظهور شئ من بدن الميت، وله الرجوع ما لم يوضع فيه الميت، قال المتولي: وكذا بعد الوضع ما لم يواره التراب. قال: ومؤنة الحفر إذا رجع بعد الحفر وقبل الدفن، على ولي الميت، ولا يلزمه طمها.
قلت: كذا هو في نسخ كتاب الامام الرافعي رحمه الله، وهو غلط في النقل عن المتولي، فإن المتولي قال: إذا رجع في العارية بعد الحفر وقبل الدفن، غرم لولي الميت مؤنة الحفر، لأنه بإذنه في الحفر أوقعه في التزام ما التزام، وفوت عليه مقصوده لمصلحة نفسه، فهذا لفظ المتولي بحروفه، وهو الصواب. والله أعلم.
وإطلاق الإعارة، لا يسلط على الدفن قطعا وإن كان يسلط على ما شاء من المنافع على الوجهين كما سبق، والفرق ظاهر.
قلت: في البيان وغيره: أنه لو أعار أرضا ليحفر فيها بئرا، صحت العارية. فإذا نبع الماء، جاز للمستعير أخذه، لأن الماء يستباح بالإباحة. والله أعلم.
الصورة الثانية: إذا أعاره جدارا لوضع الجذوع، ففي جواز الرجوع