فصل الذهب والفضة، إن كانا مضروبين، فقد سبق أنهما مثليان، وإلا، فإن كان فيهما صنعة بأن أتلف حليا وزنه عشرة وقيمته عشرون، فأربعة أوجه.
أحدها: يضمن العين بوزنها من جنسها، والصنعة بقيمتها من غير جنسها، سواء كان ذلك نقد البلد، أم لا، لأنا لو ضمناه الجميع بالجنس لقابلنا عشرة بعشرين وذلك ربا. والثاني: يضمن العين بوزنها من جنسها، والصنعة بنقد البلد، كما لو أتلف الصنعة وحدها بكسر، يضمن بنقد البلد، سواء كان من جنس المكسور، أم لا. والثالث: يضمن الكل بغير جنسه تحرزا عن الفاضل، وعن اختلاف الجنس في أحد الطرفين. والرابع، وهو أصحها: يضمن الجميع بنقد البلد وإن كان من جنسه، ولا يلزم من ذلك الربا، فإنه إنما يجري في العقود لا في هذه الغرامات، هكذا نقل الجمهور، وأحسن منه ترتيب البغوي، وهو أن صنعة الحلي متقومة، وفي ذاته الوجهان السابقان في التبر. فإن قلنا: متقوم، ضمن الكل بنقد البلد كيف كان، وإن قلنا: مثلي، فوجهان. أحدهما: يضمن الجميع بغير جنسه.
وأصحهما: يضمن الوزن بالمثل، والصنعة بنقد البلد، سواء كان من جنسه، أم من غيره. ولو أتلف إناء من ذهب أو فضة، فإن جوزنا اتخاذه، فهو كما لو أتلف حليا، وإن منعناه، فهو كاتلاف ما لا صنعة له.
ولو أتلف ما لا صنعة فيه كالتبر والسبيكة. فإن قلنا: هو مثلي، ضمن مثله، وإلا، فوجهان. أحدهما: يضمن قيمته ينقد البلد، سواء كان من جنسه، أم لا كسائر المتقومات. والثاني: أن الجواب كذلك، إلا إذا كان نقد البلد من جنسه، وكانت القيمة تزيد على الوزن، فحينئذ يقوم بغير الجنس ويضمن به، وهذا اختيار العراقيين.
فصل إذا تغير المغصوب، فقد يكون متقوما ثم يصير مثليا، وعكسه، ومثليا فيهما، ومتقوما فيهما.
الحال الأول: كمن غصب رطبا وقلنا: إنه متقوم فصار تمرا، ثم تلف عنده، فوجهان. أحدهما، وبه قطع العراقيون: يضمن مثل التمر، لأنه أقرب إلى الحق، وأشبههما، وبه قطع البغوي: إن كان الرطب أكثر قيمة، لزمه قيمته لئلا تضيع الزيادة، وإن كان التمر أكثر أو استويا، لزمه المثل، واختار الغزالي أنه يتخير بين مثل التمر وقيمة الرطب.