فالظاهر فيه دوام الاختصاص، لاطراد العرف، وفيه احتمال. والله أعلم فرع يمنع الناس من استطراق حلق القراء والفقهاء في المسجد توقيرا لها.
فرع قال الامام: لا شك في انقطاع تصرف الامام وإقطاعه عن بقاع المسجد، فإن المساجد لله تعالى، ويخدشه شيئان.
أحدهما: ذكر الماوردي، أن الترتب في المسجد للتدريس والفتوى كالترتب للإمامة، فلا يعتبر إذن الإمام في مساجد المحال، ويعتبر في الجوامع وكبار المساجد إذا كانت عاد البلد فيه الاستئذان، فجعل لاذن الامام أثر.
الثاني: عند الشيخ أبو حامد وطائفة رحاب المسجد مع مقاعد الأسواق فيما يقطع للارتفاق بالجلوس فيه للبيع والشراء، وهذا كما يقدح في نفي الاقطاع، يخالف المعروف في المذهب في المنع من الجلوس في المسجد للبيع والشراء، إلا أن يراد بالرحاب: الأفنية الخارجة عن حد المسجد.
قلت: قال الماوردي في الاحكام: إن حريم الجوامع والمساجد، إن كان الارتفاق به مضرا بأهل المساجد، منع منه، ولم يجز للسلطان الاذن فيه، وإلا، جاز. وهل يشترط فيه إذن السلطان؟ وجهان. والله أعلم فصل الرباطات المسبلة في الطرق وعلى أطراف البلاد، من سبق إلى موضع منها صار أحق به، وليس لغيره إزعاجه، سواء دخل باذن الامام، أم بغيره، ولا يبطل حقه بالخروج لشراء طعام ونحوه، ولا يشترط تخليفه نائبا له في الموضع، ولا أن يترك متاعه، لأنه قد لا يجد أمينا. فان ازدحم اثنان ولا سبق، فعلى ما سبق في مقاعد الأسواق. وكذا الحكم في المدارس والخوانق إذا نزلها من هو (من) أهلها. وإذا سكن بيتا منها مدة، ثم غاب أياما قليلة، فهو أحق إذا عاد. وإن طالت غيبته، بطل حقه.
قلت: والرجوع في الطول إلى العرف. ولو أراد غيره النزول فيه في مدة غيبة الأول على أن يفارقه إذا جاء الأول، فينبغي أن يجوز قطعا، أو يكون على الوجهين