الشرط. ولو أراد أحدهما مجاوزة المشروط، أو النزول دونه لخوف أخصب، لم يكن له ذلك، إلا أن يوافقه صاحبه، ذكره البغوي. وكان يجوز أن يجعل الخوف عذرا لمن يحتاط، ويلزم الآخر موافقته.
قلت: هذا الذي قاله البغوي، ضعيف، وينبغي أن يقال: إن غلب على الظن حصول ضرر بسبب الخوف، كان عذرا، وإلا، فلا. ولا يتجه غير هذا التفصيل. والله أعلم فإن لم يبينا قدر السير، وأطلقا العقد، نظر، إن كان في ذلك الطريق منازل مضبوطة، صح العقد وحمل عليها، وإن لم يكن منازل، أو كانت والعادة مختلفة، لم يصح العقد حتى يبينا أو يقدر بالزمان. هذا هو الصحيح المعروف الذي اشتملت عليه طرق الأصحاب. وقال أبو إسحاق: إذا اكترى إلى مكة في زماننا، اشترط ذكر المنازل، لان السير في هذه الأزمان شديد. وقال القاضي أبو الطيب:
إن كان الطريق مخوفا، لم يجز تقدير السير فيه، لأنه لا يتعلق بالاختيار، وتابعه الروياني على هذا. ومقتضاه، امتناع التقدير بالزمان أيضا، وحينئذ يتعذر الاستئجار في الطريق الذي ليس له منازل مضبوطة إذا كان مخوفا.
فرع القول في وقت السير، أهو الليل، أم النهار؟ وفي موضع النزول في المرحلة، أهو نفس القرية، أم الصحراء؟ وفي الطريق الذي يسلكه إذا كان للمقصد طريقان على ما ذكرناه في قدر السير في أنه يحمل على المشروط أو المعهود. وقد يختلف المعهود في فصلي الشتاء والصيف، وحالتي الامن والخوف، فكل عادة تراعى في وقتها، ومتى شرطا خلاف المعهود، فهو المتبع، لا المعهود.
فصل مما تستأجر له الدواب الحمل عليها، فينبغي أن يكون المحمول معلوما، فإن كان حاضرا ورآه المؤجر، كفى، وإلا فلا بد من تقديره بالوزن، أو بالكيل إن كان مكيلا، والتقدير بالوزن في كل شئ أولى وأحصر، ولا بد من ذكر