جواز الاقتصاص، حيث يجوز له أخذ الأرش. والمذهب: المنع قطعا. وإذا لم يقتص، فهل له أخذ أرش الجناية؟ نظر، إن كان المجني عليه مجنونا فقيرا، فله وإن كان صبيا غنيا، فلا، وإن كان مجنونا غنيا، أو صبيا فقيرا، فالأصح المنع.
وحيث منعنا الأرش، أو لم نر المصلحة فيه، يحبس الجاني إلى البلوغ والإفاقة، وإذا جوزناه فأخذه، ثم بلغ الصبي أو أفاق المجنون وأراد أن يرده ويقتص، ففي تمكنه وجهان شبيهان بما لو عفا الولي عن الشفعة للمصلحة فبلغ وأراد الاخذ، وهما مبنيان على أن أخذ المال عفو كلي وإسقاط للقصاص، أم سببه الحيلولة لتعذر الاستيفاء؟ وقد يرجح الأول بأن الحيلولة إنما تكون إذا جاءت من قبل الجاني كا باق المغصوب.
قلت: الراجح الأول. والله أعلم وما ذكرناه في أخذ الأرش للقيط، جار في كل طفل يليه أبوه أو جده بلا فرق.
وحكى الامام عن شيخه، أنه ليس للوصي أخذه، قال: وهذا حسن إن جعلناه إسقاطا. وإن قلنا: للحيلولة، فينبغي أن لا يجوز للوصي أيضا.
الحكم الثالث: نسب اللقيط، وهو كسائر المجهولين، فإذا استلحقه حر مسلم، لحقه، وقد سبق في كتاب الاقرار ما يشترط الاستلحاق، ولا فرق في ذلك بين الملتقط وغيره، لكن يستحب أن يقال للملتقط: من أين هو لك؟ فربما توهم أن الالتقاط يفيد النسب. وإذا ألحق بغير الملتقط، سلم إليه، لأنه أحق من الأجنبي. واستلحاق الكافر، كاستلحاق المسلم في ثبوت النسب، لاستوائهما