الباب الثاني في أحكام اللقيط هي أربعة.
الأول: الاسلام، وإسلام الشخص قد يثبت بنفسه استقلالا، وقد يثبت تبعا. أما القسم الأول، فالبالغ العاقل، يصح منه مباشرة الاسلام بالنطق إن كان ناطقا، وبالإشارة إن كان أخرس.
وأما المجنون والصبي الذي لا يميز، فلا يصح إسلامهما مباشرة بلا خلاف، ولا يحكم بإسلامهما إلا بالتبعية. وأما الصبي المميز، ففيه أوجه. الصحيح المنصوص: لا يصح إسلامه. والثاني: يتوقف. فإن بلغ واستمر على كلمة الاسلام، تبينا كونه مسلما من يومئذ. وإن وصف الكفر، تبينا أنه كان لغوا. وقد يعبر عن هذا بصحة إسلامه ظاهرا لا باطنا. والثالث: يصح إسلامه حتى يفرق بينه وبين زوجته الكافرة ويورث من قريبه المسلم، قاله الإصطخري. وعلى هذا، لو ارتد، صحت ردته، لكن لا يقتل حتى يبلغ. فإن تاب، وإلا، قتل.
قلت: الحكم بصحة الردة، بعيد، بل غلط. والله أعلم فإذا قلنا بالصحيح، فقد قال الشافعي رضي الله عنه: يحال بينه وبين أبويه وأهله الكفار لئلا يفتنوه. فإن بلغ ووصف الكفر، هدد وطولب بالاسلام. فإن أصر، رد إليهم. وهل هذه الحيلولة مستحبة، أم واجبة؟ وجهان. أصحهما:
مستحبة، فليتلطف بوالديه ليؤخذ منهما. فإن أبيا، فلا حيلولة. هذا في أحكام الدنيا.