وتكره إعارة العبد المسلم لكافر كراهة تنزيه.
قلت: صرح الجرجاني وآخرون، بأنها حرام، وصرح صاحب المهذب وآخرون، بأنها لا تجوز، وظاهره التحريم، ولكن الأصح الجواز، وقد سبق في أول البيوع. والله أعلم.
فرع يحرم على الحلال إعارة الصيد من المحرم، فإن فعل فتلف في يده، ضمن الجزاء لحق الله تعالى، والقيمة للحلال. ولو أعار المحرم حلالا، فإن قلنا: المحرم يزول ملكه عن الصيد فلا قيمة له على الحلال لأنه غير مالك، وعلى المحرم الجزاء لحق الله تعالى إن تلف في يد الحلال، لأنه متعد بالإعارة، فإنه يلزمه إرساله. وإن قلنا: لا يزول، صحت الإعارة وعلى الحلال القيمة إن تلف عنده.
فرع دفع شاة إلى رجل وقال: ملكتك درها ونسلها، فهي هبة فاسدة، وما حصل في يده من الدر والنسل، كالمقبوض بالهبة الفاسدة، والشاة مضمونة بالعارية الفاسدة.
ولو قال: أبحت لك درها ونسلها، فوجهان. أحدهما: أنه كقوله: ملكتك.
والثاني: أنها إباحة صحيحة، والشاة عارية صحيحة، وبه قطع المتولي.
قلت: هذا أصح، واختاره أيضا القاضي أبو الطيب، وصاحب الشامل، وحكم هذان والمتولي بالصحة فيما إذا أعاره الشاة ليأخذ لبنها، أو أعاره شجرة ليأخذ ثمرها. والله أعلم.
فعلى هذا، قد تكون العارية لاستفادة عين، وليس من شرطها أن يكون المقصود مجرد المنفعة، بخلاف الإجارة. ولو قال: ملكتك درها، أو أبحتكه على أن تعلفها، قال البغوي: العلف أجرة الشاة وثمن الدر والنسل، فالشاة غير مضمونة لأنها مقبوضة بإجارة فاسدة، والدر والنسل مضمونان في الشراء الفاسد. وكذا لو دفع