قلعه، وعلى الزارع تسوية الأرض كالغاصب، هذا لفظ البغوي، ومقتضى إلحاقه بالغاصب، أن يقلع زرعه قبل انقضاء المدة أيضا، لكن المتولي وغيره صرحوا بأنه لا يقلع قبل انقضاء المدة، لان منفعة الأرض في الحال له.
قلت: الصواب ما صرح به المتولي وغيره، وليس مراد البغوي بالحاقه بالغاصب، القلع قبل المدة. والله أعلم فرع للمالك منعه من زراعة ما هو أبطأ إدراكا، وهل له منعه من زراعة الزرع المعين ابتداء إذا ضاق الوقت؟ وجهان لأنه استحق منفعة الأرض تلك المدة، وقد يقصد القصيل.
قلت: الأصح: أنه ليس له منعه. والله أعلم السبب الثاني: أن يتأخر الادراك لحر أو برد، أو كثرة المطر، أو أكل الجراد رؤوس الزرع، فنبت ثانيا فتأخر لذلك، فالصحيح أنه لا يجب على القلع، بل على المالك الصبر إلى الادراك مجانا أو بأجرة المثل. وقيل: له قلعه مجانا، لخروجه عن المدة.
السبب الثالث: أن يكون الزرع المعين بحيث لا يدرك في المدة، بأن استأجر لزراعة الحنطة شهرين. فإن شرطا القلع بعد المدة، جاز، وكأنه أراد القصيل. ثم لو تراضيا على الابقاء مجانا أو بأجرة المثل، جاز، فإن شرطا الابقاء، فسد العقد، للتناقض بينه وبين التوقيت، ولجهالة مدة الادراك، ويجئ فيه خلاف سنذكره قريبا إن شاء الله تعالى. وإذا فسد العقد، فللمالك منعه من الزراعة، لكن لو زرع، لم يقلع مجانا، للاذن، بل يأخذ منه أجرة المثل لجميع المدة. وإن أطلقا العقد، ولم يتعرضا لقلع ولا إبقاء، صح العقد على الأصح. فعلى هذا، إن توافقا بعد المدة على إبقائه مجانا أو بأجرة، فذاك. وإن أراد المالك إجباره على القلع، لم يكن له على الأصح، وهو اختيار القفال، لان العادة فيه الابقاء. وعلى هذا، فالأصح أن له أجرة المثل للزيادة. وقيل: لا، لأنه في معنى معير للزيادة. وقال أبو الفرج السرخسي: إذا قلنا: لا يقلع بعد المدة، لزم تصحيح العقد إذا شرط الابقاء بعد المدة، وكأنه صرح بمقتضى الاطلاق، وهذا حسن. أما إذا استأجر للزراعة مطلقا