جعلها مسجدا، والشرب من بئر وقفها ونحو ذلك.
قلت: ومن هذا النوع، لو وقف كتابا على المسلمين للقراءة فيه ونحوها، أو قدرا للطبخ فيها، أو كيزانا للشرب بها ونحو ذلك، فله الانتفاع معهم. والله أعلم فرع لو قال لرجلين: وقفت على أحدكما، لم يصح، وفيه احتمال عن الشيخ أبي محمد.
القسم الثاني: الوقف على غير معين، كالفقراء والمساكين، وهذا يسمى وقفا على الجهة، لان الواقف يقصد جهة الفقر والمسكنة، لا شخصا بعينه، فينظر في الجهة، إن كانت على المعصية، كعمارة الكنيسة وقناديلها وحصرها، وكتب التوراة والإنجيل، لم يصح، سواء وقفه مسلم أو ذمي، فنبطله إذا ترافعوا إلينا. أما ما وقفوه قبل المبعث على كنائسهم القديمة، فنقره حيث نقر الكنائس.
ولو وقف لسلاح قطاع الطريق، أو لآلات سائر المعاصي، فباطل قطعا.
وإن لم تكن جهة معصية، نظر، فإن ظهر فيه قصد القربة، كالوقف على المساكين، وفي سبيل الله تعالى، والعلماء والمتعلمين، والمساجد والمدارس والربط والقناطر، صح الوقف.
وإن لم يظهر القربة، كالوقف على الأغنياء، فوجهان، بناء على أن المرعي بالوقف على الموصوفين جهة القربة، أم التمليك؟ فحكى الامام عن المعظم: أنه القربة، ولهذا لا يجب استيعاب المساكين، بل يجوز الاقتصار على ثلاثة منهم. وعن القفال أنه قال: التمليك كالوصية وكالوقف على المعين، وهذا الوجه اختيار الإمام وشيخه، وطرق العراقيين توافقه، حتى ذكروا أن الوقف على المساجد والربط، تمليك المسلمين منفعة الوقف. فإن قلنا بالأول، لم يصح