فصل في الاختلاف وفيه مسائل.
الأولى: قال راكب الدابة لمالكها: أعرتنيها. فقال: بل أجرتكها مدة كذا بكذا، فتارة يختلفان والدابة باقية، وتارة (يختلفان) وهي تالفة.
الحال الأول: الباقية، وهو ضربان.
أحدهما: يختلفان بعد مضي مدة لمثلها أجرة. والثاني: قبلها. فالأول:
نص فيه أن القول قول الراكب بيمينه. ونص فيما إذا زرع أرض غيره واختلفا هكذا، أن القول قول صاحب الأرض. والله أعلم.
وللأصحاب طريقان. أحدهما: تقرير النصين، واختاره القفال، لان الدواب تكثر فيها الإعارة، بخلاف الأرض، وأصحهما عند الجمهور، وبه قال المزني، والربيع، وابن سريج: فيهما قولان. أظهرهما: القول قول المالك، فعلى هذا كيف يحلف؟ وجهان. قال الشيخ أبو محمد وطائفة: يحلف على نفي الإعارة، ولا يتعرض لاثبات الأجرة، لأنه مدع فيها. وقال العراقيون والقاضي والأكثرون:
يتعرض لاثبات الأجرة مع نفي الإعارة. فعلى الأول: إذا حلف، استحق أقل الأمرين من أجرة المثل والمسمى. وعلى الثاني: أوجه. أحدها: يستحق المسمى.
والثاني: أقل الأمرين. وأصحها وهو نصه في الام: أجرة المثل. فلو نكل المالك عن اليمين، لم يحلف الراكب والزارع، لأنهما لا يدعيان حقا على المالك، وإنما يدعيان الإعارة وليست لازمة. وعن القاضي حسين رمز إلى أنهما يحلفان للتخلص من الغرم، أما إذا قلنا: القول قول الراكب والزارع، فإن حلف على نفي الإجارة، كفاه وبرئ، وإن نكل، ردت اليمين على المالك، واستحق بيمينه المسمى على الصحيح، وعلى الشاذ أجرة المثل.
الضرب الثاني: أن يقع الاختلاف قبل مضي مدة لها أجرة، فالقول قول الراكب بيمينه. فإذا حلف على الإجارة، سقطت دعوى الأجرة، وردت العين إلى المالك. وإن نكل، حلف المالك يمين الرد، واستحق الأجرة. وإنما لم يجر القولان، لان الراكب لا يدعي لنفسه حقا، ولم تتلف المنافع على المالك.
الحال الثاني: أن تكون الدابة تالفة، فإن تلفت قبل مضي مدة لها أجرة،