الحادية عشرة: لو أقر ثم قال: كنت يوم الاقرار صغيرا، وهو محتمل، صدق بيمينه، لان الأصل الصغر. وكذا لو قال: كنت مجنونا وقد عهد له جنون. ولو قال: كنت مكرها، وهناك أمارة الاكراه، من حبس، أو موكل عليه، فكذلك. فإن لم تكن أمارة، لم يقبل قوله. والامارة، إنما تثبت باعتراف المقر له، أو بالبينة، وإنما يؤثر إذا كان الاقرار لمن ظهر منه الحبس والتوكيل. أما إذا كان في حبس زيد، فلا يقدح ذلك في الاقرار لعمرو.
الثانية عشرة: إذا شهد الشهود، وتعرضوا لبلوغه، وصحة عقله، واختياره، فادعى المقر خلافه، لم يقبل، لما فيه من تكذيب الشهود، ولا يشترط في الشهادة التعرض للبلوغ والعقل، والطواعية، والحرية، والرشد. ويكتفى بأن الظاهر وقوع الشهادة على الاقرار الصحيح. وفي قول: يشترط التعرض لحرية مجهول الحرية.
وخرج منه اشتراط التعرض لسائر الشروط، والمذهب الصحيح: الأول. قال الأصحاب: وما يكتب في الوثائق أنه أقر طائعا في صحة عقله وبلوغه، احتياط. ولو تقيدت شهادة الاقرار بكونه طائعا، وأقام (الشهود) عليه بينة بكونه كان مكرها، قدمت بينة الاكراه، ولا تقبل الشهادة على الاكراه مطلقا، بل لابد من التفصيل.
الباب الثاني في الاقرار بالمجمل يصح الاقرار بالمجمل، وهو المجهول للحاجة. وسواء أقر به ابتداء، أو جوابا عن دعوى معلومة، بأن قال: لي عليك ألف، فقال: لك علي شئ.
والألفاظ التي تقع فيها الجهالة، لا تنحصر. وبين الشافعي والأصحاب رضي الله عنهم ما كثر استعماله، ليعرف ويقاس عليه غيره، وألفاظ الباب سبعة أضرب.
الضرب الأول: شئ. فإذا قال: له علي شئ، طلبنا تفسيره. فإن فسره بما يتمول، قبل، كثر أم قل، كرغيف، وفلس، وتمرة حيث يكون لها قيمة. وإن فسره بما لا يتمول، لكنه من جنس ما يتمول، كحبة حنطة، أو شعير، أو قمع باذنجانة، فوجهان. أحدهما: لا يقبل تفسيره، لأنه لا يصح التزامه، كما لا تصح الدعوى به. وأصحهما: القبول، لأنه شئ يحرم أخذه، ويجب على آخذه رده،