الحال الثاني: كمن غصب حنطة فطحنها، وتلف الدقيق عنده أو جعله خبزا وأتلفه، وقلنا: لا مثل للدقيق والخبز، أو تمرا واتخذ منه خلا بالماء، فعلى قول العراقيين: يضمن المثل وهو الحنطة والتمر، وعلى ما قطع به البغوي: إن كان المتقوم أكثر قيمة، غرمها، وإلا فالمثل، وعن القاضي حسين: يغرم أكثر القيم، وليس للمالك مطالبته بالمثل. فعلى هذا، إذا قيل: من غصب حنطة في الغلاء فتلف المغصوب عنده، ثم طالبه المالك في الرخص، فهل يغرمه المثل أو القيمة، لم يصح إطلاق الجواب بواحد منهما، بل الصواب أن يقال: إن تلفت وهي حنطة، غرم المثل. وإن صار إلى حالة التقويم ثم تلف، فالقيمة.
الحال الثالث: كمن غصب سمسما فاتخذ منه شيرجا ثم تلف عنده، قال العراقيون والغزالي: يغرمه المالك ما شاء منهما. وقال البغوي: إن كان قيمة أحدهما أكثر، غرم مثله، وإلا، فيتخير المالك ما شاء منهما.
الحال الرابع: يجب فيه أقصى القيم.
فرع إذا لزمه المثل، لزمه تحصيله إن وجده بثمن المثل. فإن لم يجده إلا بزيادة، فوجهان. أصحهما عند البغوي، والروياني: يلزمه المثل، لان المثل كالعين، ويجب رد العين وإن لزم في مؤنته أضعاف قيمته. وأصحهما عند آخرين، منهم الغزالي: لا يلزمه تحصيله، لان الموجود بأكثر من ثمنه كالمعدوم، كالرقبة، وماء الطهارة، ويخالف العين، فإنه تعدى فيها دون المثل.
قلت: هذا الثاني أصح، وقد صححه أيضا الشاشي. والله أعلم فصل غصب متقوما فتلف عنده، لزمه أقصى قيمته من يوم غصبه إلى تلفه، وتجب قيمته من نقد البلد الذي تلف فيه، فلو كانت مائة فصارت مائتين،