صدقة، فامتياز الهدية عن الهبة بالنقل والحمل من موضع إلى موضع، ومنه إهداء النعم إلى الحرم، ولذلك لا يدخل لفظ الهدية في العقار بحال، فلا يقال:
أهدى إليه دارا، ولا أرضا، وإنما يطلق ذلك في المنقولات كالثياب والعبيد، فحصل من هذا أن هذه الأنواع تفترق بالعموم والخصوص، فكل هدية وصدقة هبة، ولا تنعكس. ولهذا لو حلف لا يهب، فتصدق، حنث، وبالعكس لا يحنث.
واختلفوا في أنه هل يشترط في حد الهدية أن يكون بين المهدي والمهدي إليه رسول أو متوسط، أم لا؟ فحكى أبو عبد الله الزبيري، فيما إذا حلف لا يهدي إليه، فوهب له خاتما أو نحوه يدا بيد، هل يحنث؟ وجهين. والأصح: أنه لا يشترط، وينتظم أن يقول لمن حضر عنده: هذه هديتي أهديتها لك. وهذه الأنواع الثلاثة مندوب إليها، وتفترق في أحكام، وتشترك في أحكام، وسيأتي بيانها إن شاء الله تعالى.
قلت: قال أصحابنا: وفعلها مع الأقارب ومع الجيران أفضل من غيرهم.
والله أعلم فرع ينبغي أن لا يحتقر القليل فيمتنع من إهدائه، وأن لا يستنكف المهدى إليه عن قبول القليل.
قلت: ويستحب للمهدى إليه أن يدعو للمهدي، ويستحب للمهدي إذا دعا له المهدى إليه، أن يدعو أيضا له، وقد أوضحت ذلك مع بيان ما يدعو به في كتاب الأذكار. والله أعلم فصل ويشتمل الكتاب على بابين.
أحدهما: في أركان الهبة وشرط لزومها. أما أركانها فأربعة.
(الركن) الأول والثاني: العاقدان، وأمرهما واضح.
الركن الثالث: الصيغة. أما الهبة، فلا بد فيها من الايجاب والقبول باللفظ، كالبيع وسائر التمليكات.