قلت: قال أصحابنا: لو قال: غصبتك، أو غصبتك ما تعلم، لم يلزمه شئ، لأنه قد يغصبه نفسه، فيحبسه. ولو قال: غصبتك شيئا، ثم قال: أردت نفسك، لم يقبل. والله أعلم.
فصل إذا أقر بمجمل، إما شئ، وإما غيره، مما سنذكره إن شاء الله تعالى، وطالبناه بالتفسير، فامتنع، فأربعة أوجه. أصحها: نحبسه كحبسنا من امتنع من أداء الحق، لان التفسير واجب عليه. والثاني: لا يحبس، بل ينظر، إن وقع الاقرار المبهم في جواب دعوى، وامتنع من التفسير، جعل منكرا، وتعرض اليمين عليه. فإن أصر، جعل ناكلا، وحلف المدعي. وإن أقر ابتداءا، قلنا للمقر له: ادع عليه حقك، فإذا ادعى، وأقر بما ادعاه، أو أنكر، أجرينا عليه حكمه.
وإن قال: لا أدري، جعلناه منكرا، فإن أصر، جعلناه ناكلا، لأنه إذا أمكن حصول الغرض بلا حبس، لا يحبس. والثالث: إن أقر بغصب، وامتنع من بيان المغصوب، حبس. وإن أقر بدين مبهم، فالحكم كما ذكرنا في الوجه الثاني.
والرابع: إن قال: علي شئ، وامتنع من التفسير، لم يحبس. وإن قال: علي ثوب، أو فضة، ولم يبين، حبس، قاله أبو عاصم العبادي، وأشار في شرح كلامه، إلى أن الفرق مبني على قبول تفسير الشئ بالخمر ونحوه، فإنه لا يتوجه بذلك مطالبة وحبس.
فرع إذا فسر المبهم بتفسير صحيح، وصدقه المقر له، فذاك، وإلا فليبين جنس الحق وقدره، وليدعه، والقول قول المقر في نفيه. ثم إن كان من جنسه، بأن فسر بمائة درهم، وقال المقر له: لي عليك مائتان، فإن صدقه على إرادة المائة، فهي ثابتة باتفاقهما، ويحلف المقر على نفي الزيادة. وإن قال: أراد به المائتين، حلف المقر أنه ما أراد المائتين، وأنه ليس عليه إلا مائة، ويجمع بينهما بيمين واحدة على الصحيح. وقال ابن المرزبان: لا بد من يمينين. فلو نكل، حلف المقر له على استحقاق المائتين، ولا يحلف على الإرادة، لأنه لا اطلاع له عليها، بخلاف ما إذا مات المقر، وفسر الوارث، فادعى المقر له زيادة، فيحلف الوارث على نفي إرادة المورث، لأنه قد يطلع من حال مورثه على ما لا يطلع عليه غيره. قال البغوي: ومثله: لو أوصى بمجمل ومات، ففسره الوارث، وزعم