قلت: قال صاحب العدة: ليس للأب أن يعير ولده الصغير لمن يخدمه، لان ذلك هبة لمنافعه، فأشبه إعارة ماله. وهذا الذي قاله، ينبغي أن يحمل على خدمة تقابل بأجرة، أما ما كان محقرا بحيث لا يقابل بأجرة، فالظاهر الذي تقتضيه أفعال السلف: أنه لا منع منه إذا لم يضر بالصبي، وقد سبق في كتاب الحجر نحو هذا. والله أعلم.
الركن الثاني: المستعير، ويشترط فيه كونه أهلا للتبرع (عليه) بعقد يشتمل على إيجاب وقبول بقول أو فعل، فلا تصح الإعارة للصبي، كما لا يوهب له.
الركن الثالث: المستعار، وله شرطان.
أحدهما: كونه منتفعا به مع بقاء عينه، كالعبد، والثوب، والدابة، والدار، فلا يجوز إعارة الطعام قطعا، ولا الدراهم والدنانير على الأصح. قال الامام:
ويجري الوجهان في إعارة الحنطة والشعير ونحوهما. ثم السابق إلى الفهم من كلام الأصحاب، أن الخلاف فيما إذا أطلق إعارة الدراهم، فأما إذا صرح بالإعارة للتزيين، فينبغي أن يقطع بالصحة، وبه قطع المتولي، لأنه اتخذ هذه المنفعة مقصودا وإن ضعفت، وإذا لم نصححها، فجرت، فهي مضمونة على الصحيح، لان العارية الصحيحة مضمونة، وللفاسد حكم الصحيح في الضمان، وقيل: لا ضمان، لان ما جرى بينهما ليس بعارية صحيحة ولا فاسدة. ومن قبض مال غيره بإذنه لا لمنفعته، كان أمانة.