وإن كانت الإجارة على الذمة، وسلم دابة وتلفت، لم ينفسخ العقد. وإن وجد بها عيبا، لم يكن له الخيار في فسخ العقد، ولكن على المؤجر إبدالها. ثم الدابة المسلمة عن الإجارة في الذمة وإن لم ينفسخ العقد بتلفها، فإنه ثبت للمستأجر فيها حق الاختصاص، حتى يجوز له إجارتها. ولو أراد المؤجر إبدالها، فهل له ذلك دون إذن المستأجر؟ وجهان. أصحهما عند الجمهور: المنع، لما فيها من حق المستأجر. والثاني قاله أبو محمد واختاره الغزالي: إن اعتمد باللفظ الدابة، بأن قال: أجرتك دابة صفتها كذا، لم يجز الابدال. وإن لم يعتمدها، بل قال:
التزمت إركابك دابة صفتها كذا، جاز.
ويتفرع على الوجهين ما إذا أفلس المؤجر بعد تعيين عن إجارة الذمة، هل يتقدم المستأجر بمنفعتها على الغرماء؟ وقد ذكرناه في التفليس. والأصح: التقدم.
ولو أراد المستأجر أن يعتاض عن حقه في إجارة الذمة، فإن كان قبل أن يتسلم دابة، لم يجز، لأنه اعتياض عن المسلم فيه. وإن كان بعد التسليم، جاز، لان هذا الاعتياض عن حق في عين، هكذا قاله الأئمة.
وفيه دليل على أن القبض يفيد تعلق حق المستأجر بالعين، فيمتنع الابدال دون رضاه.
فصل نذكر فيه قولا جمليا في إبدال متعلقات الإجارة المنفعة المطلوبة في العقد، لها مستوف، مستوفى منه، ومستوفى به، فأما المستوفي وهو مستحق الاستيفاء، فله أن يبدل نفسه بغيره، كما يجوز أن يؤجر ما استأجر، فإذا استأجر دابة للركوب، فله أن يركبها مثل نفسه في الطول والقصر والضخامة والنحافة ومن هو أخف منه. وكذلك يلبس الثوب مثله، ويسكن الدار، دون القصار والحداد، لزيادة الضرر. وكذا إذا استأجر دابة لحمل القطن، فله حمل الصوف والوبر. أو لحمل الحديد، فله حمل النحاس