السابقين في الموضع من الشارع. ويجوز لغير سكان المدرسة من الفقهاء والعوام دخولها، والجلوس فيها، والشرب من مياهها، والاتكاء والنوم فيها، ودخول سقايتها، ونحو ذلك مما جرى العرف به. وأما سكنى غير الفقهاء في بيوتها، فإن كان فيه نص من الواقف بنفي أو إثبات، اتبع، وإلا، فالظاهر منعه، وفيه احتمال في بلد جرت به العادة. والله أعلم فرع النازلون في موضع من البادية، أحق به وبما حواليه بقدر ما يحتاجون إليه لمرافقهم، ولا يزاحمون في الوادي الذي سرحوا إليه مواشيهم، إلا أن يكون فيه كفاية للجميع، وإذا رحلوا، بطل اختصاصهم وإن بقي أثر الفساطيط ونحوها.
قلت: ولو أرادت طائفة النزول في موضع من البادية للاستيطان، قال الماوردي: إن كان نزولهم مضرا بالسابلة، منعهم السلطان قبل النزول أو بعده.
وإن لم يضر، راعى الأصلح في نزولهم ومنعهم ونقل غيرهم إليها. فان نزلوا بغير إذنه، لم يمنعهم، كما لا يمنع من أحيا مواتا بغير إذنه، ودبرهم بما يراه صلاحا لهم، وينهاهم عن إحداث زيادة إلا بإذنه. والله أعلم فصل المرتفق بالشارع والمساجد، إذا طال مقامه هل يزعج؟ وجهان.
أصحهما: لا، لأنه أحد المرتفقين وقد سبق. والثاني: نعم. لتميز المشترك من المملوك. وأما الربط الموقوفة، فإن عين الواقف مدة المقام، فلا مزيد عليها، وكذا لو وقف على المسافرين. وإن أطلق الواقف، نظر إلى الغرض الذي بنيت له، وعمل بالمعتاد فيه، فلا يمكن من الإقامة في ربط المارة إلا لمصلحتها، أو لخوف يعرض، أو أمطار تتواتر، وفي المدرسة الموقوفة على طلبة العلم، يمكن من الإقامة إلى إتمام غرضه. فإن ترك التعلم والتحصيل، أزعج. وفي الخانقاه، لا يمكن هذا الضبط، ففي الازعاج إذا طال مقامه ما سبق في الشوارع.