الوقف بلا خلاف لأنه مثل البيع والهبة، وعندنا مثل العتق أيضا.
إذا وقف على بني تميم أو على بني هاشم، صح الوقف وإن كانوا غير محصورين مثل الفقراء والمساكين، وفي الناس من قال: لا يصح لأنهم غير محصورين فهو مجهول.
ولا يصح أن يقف على نفسه على جهة الخصوص، وفيه خلاف مع أبي يوسف وجماعة، فإن أنفذ الحاكم وحكم بصحته لم ينفذ حكمه، وعند قوم أنه ينفذ حكمه، فأما إذا وقف وقفا عاما مثل أن يوقفه على المسلمين جاز له الانتفاع به، بلا خلاف لأنه يعود إلى أصل الإباحة فيكون هو وغيره سواء.
إذا وقف وقفا وشرط فيه أن يبيعه أي وقت شاء، كان الوقف باطلا لأنه خلاف مقتضاه، لأن الوقف لا يباع، وإن شرط أن يخرج من شاء منهم ويدخل في ذلك من شاء، وأن يفضل بعضهم على بعض إن شاء أو يسوي بينهم إن شاء، كان ذلك كله باطلا لأنه شرط لنفسه التصرف فيما هو ملك لغيره، هذا بلا خلاف، وقد روي أصحابنا أنه يجوز أن يدخل فيهم غيرهم، وأما الإخراج والنقل فلا خلاف عندنا أيضا فيه.
إذا بنى مسجدا وأذن لقوم فصلوا فيه أو بنى مقبرة فأذن لقوم فدفنوا فيه لم يزل ملكه حتى يبينه لفظا على ما بيناه فيما مضى، وقال قوم: يزول ملكه إذا أذن وصلوا فيه، ودفنوا في المقبرة، والأول أصح لأنه لا دليل على زوال ملكه والأصل بقاؤه.
إذا وقف مسجدا وخرب وخربت المحلة أو القرية لم يعد ملكه، وقال محمد بن الحسن: يعود المسجد إلى ملكه، والأول أصح، لأنه ثبت زوال ملكه، وعوده يحتاج إلى دليل.
وإذا ذهب السيل بالميت أو أكله السبع عاد الكفن إلى ملك الورثة، غير أن المورث أحق به، فعلى هذا لا نسلم أنه يدخل في ملكهم باستغناء الميت عنه، لأنه كان في ملكهم قبل ذلك.