الجناية إذا كانت مضمونة كان الاعتبار فيها بحال الاستقرار وحال الاستقرار هو حي مسلم فكانت الدية لازمة لأنه قد وجد الكمال في الطرفين.
فإن كانت هذه الجناية وقعت على مرتد ومات وهو مرتد لم يلزم في ذلك قود ولا دية ولا كفارة. فأما المسلم الذي ارتد ثم عاد إلى الاسلام ومات وهو مسلم فإن الكفارة تجب على القاطع له سواء أقام على ردته مدة سرت فيها الجناية إلى نفسه أو لم يقم ذلك لأن الكفارة تلزم بقتل النفس التي لها حرمة والقاتل قد قتل نفسا لها حرمة لأن الحرمة موجودة في الطرفين حال الجناية وحال السراية.
وإذا أمر الإمام غيره بقتل انسان لم يكن على القاتل المأمور بالقتل قود ولا إثم ولا غير ذلك لأن الإمام لا يأمر بقتل انسان وهو غير مستحق (إلا وهو مستحق - خ ل) للقتل.
فإن أمر خليفة الإمام غيره بقتل انسان لغير استحقاق وكان المأمور عالما بذلك لم يجز له قتله لقول رسول الله ص: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، فإن خالف وقبل منه في قتل المأمور بقتله كان على هذا القاتل القود والكفارة ولا قود على الآمر له بذلك ولا كفارة وهو آثم بما فعل من الأمر، فإن كان المأمور يعتقد أن قتله حق وأن الإمام وخليفته لا يقتل إلا بالحق وأن طاعته فيما أمره به واجبة كان عليه أيضا القود لأنه هو المباشر للقتل دون الآمر، فإن أكرهه فقال له: إن قتلته وإلا قتلتك لم يجز له قتله وإن كان خائفا لأن قتل المؤمن لا يجوز استباحته بالإكراه على قتله، فإن خالف وقتل فقد أثم بقتل نفس يحرم قتلها وكان عليه القود.
وإذا جرح المسلم نصرانيا ثم ارتد المسلم ثم سرت الجناية إلى نفسه فمات لم يكن على المرتد قود لفقد التكافؤ في حال الجناية.
باب قتل الاثنين أو أكثر منهما بواحد أو الواحد لاثنين أو أكثر منهما:
إذا قتل اثنان أو أكثر منهما واحدا عمدا كان ولي الدم مخيرا بين أن يقتل