باب القصاص والشجاج وما يلحق بذلك:
قد تقدم القول فيما تعلق بالنفس من القصاص، فأما دون النفس فنحن نذكر منه جملة مقنعة بمشيئة الله.
قال الله تعالى: النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف...
الآية، ففصل الأعضاء - كما ترى - ثم عم بالقول الجميع فقال: والجروح قصاص.
ولا خلاف في جواز القصاص في الشريعة، وليس يصح إلا بشروط وهي:
التساوي في الحرية بأن يكون المقتص والمقتص منه حرين مسلمين أو يكون المجني عليه أكمل، وأن يحصل (يكون خ ل) الاشتراك في الخاص يمين بيمين ويسار بيسار لأنه لا يقطع يسار بيمين ولا يمين بيسار، وأن تكون السلامة حاصلة لأنه لا تقطع اليد الصحيحة باليد الشلاء، فأما ما كان في الرأس والوجه من الجراح فليس يجب فيها القصاص إلا بشرط وهو: التكافؤ في الحرية أو يكون المجني عليه أكمل.
وجملة القول من ذلك أنا ننظر إلى طول الشجة وعرضها فيعتبر بمساحة طولها وعرضها.
وأما الأطراف فلا يعتبر فيها بكبر ولا صغر، تؤخذ اليد السمينة بالهزيلة والغليظة بالرقيقة، ولا يعتبر في ذلك المساحة وإنما يعتبر الاسم مع السلامة مع التكافؤ في الحرية كما قال تعالى: وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن، فاعتبر الاسم فقط.
فإذا كان كذلك فالقصاص في الموضحة جائز بعد الاندمال لأنها ربما صارت نفسا وأول العمل في ذلك أن يجعل على موضع الشجة مقيسا من خيط أو عود، فإذا علم قدرها حلق في مثل ذلك في الموضع بعينه من رأس الشجاج لأن الشعر إن كان قائما لا يؤمن أن يؤخذ أكثر من الحق، فإذا حلق الموضع جعل عليه المقياس وخط على الطرفين خطأ يكون مغيرا إما من سواد أو غيره حتى لا يزيد على مقدار الحق ثم