الضرب الخامس من الأحكام القصاص واجب على كل عاقل قصد الجناية على غيره من الناس في نفسه، وهو على ضربين: قود عن قتل والثاني قصاص عن جروح.
وإنما يكون القاتل قاتلا قتلا يوجب القود منه بأن يقصد إلى قتل غيره فيقع مقصوده أو يفعل به ما جرت العادة بانتفاء الحياة معه - من ضرب في مقتل أو خنق بحبل أو تغريق أو تحريق أو تردية من علو أو طرح بعض الأجسام الثقال عليه وأشباه ذلك مما جرت العادة بانتفاء الحياة معه - من غير استحقاق.
وإنما يكون جارحا ما يوجب القصاص مع تكامل الشروط المذكورة في القود إذا كان ما قصده مما لا يرجى صلاحه كقطع اليد والرجل والإصبع إلى غير ذلك ولا يخاف معه تلف المقتص منه، فأما الكسر والفك المنجبر والجرح الملتئم والمأمومة في الشجاج والجائفة في الجوف وما يجري مجراهما فلا قصاص في شئ منه.
والمسلمون الأحرار تتكافأ دماؤهم في القتل والجراح، ولا يقتص لعبد من حر ولا لذمي من مسلم ولا لمبطل من محق، ويقتص للعبد من العبد وللذمي من الذمي وللضال عن الحق من الضال.
فإذا قتل الحر المسلم مسلما فولي الدم مخير بين قتله وأخذ الدية إن افتدى بها نفسه والعفو عنه، وإذا أراد القود تولى ذلك منه سلطان الاسلام أو من يأذن له في النيابة عنه، فإن سبق الولي إلى قتله فعلى السلطان المبالغة في عقوبته ولا حق له ولا عليه غير ذلك.