الصغر حتى يعلم زواله، فإن اختلف هو والمجنون فإن كان يعرف له حال جنون كان القول قول الجاني مع يمينه لأنه أعلم بوقته وإن لم يعرف له حال جنون كان القول قول الولي لأن الأصل صحته وسلامته حتى يعلم أنه مجنون.
وإذا أضرم انسان نارا وألقى فيها إنسانا ولم يمكنه الخروج منها حتى مات كان عليه القود، فإن كان يمكنه الخروج والتخلص منها فلم يخرج ولا خلص نفسه منها حتى مات لم يجب على الملقى له فيها قود لأنه أعان على نفسه، فإن ألقاه في لجة بحر فمات كان عليه القود.
فإن ألقاه في لجة فالتقمه حوت قبل وصوله إلى الماء كان عليه القود لأنه أهلكه بنفس الإلقاء لأنه لو لم يأخذه الحوت كان هلاكه فيه فكان الحوت أهلكه (ابتلعه خ ل) بعد أن حصل ما فيه هلاكه، وقول من يقول: إنه ما أهلك بالإلقاء وإنما هلك بشئ آخر وهو التقام الحوت قبل هلاكه له، غير صحيح لأنه لو كان ذلك صحيحا لكان إذا وصل إلى ماء ثم التقمه الحوت قبل هلاكه أن يكون ما هلك بالإلقاء وإنما هلك بالتقام الحوت له صحيحا ولا يحكم عليه بقود فقد علم خلاف ذلك.
وإذا جنى انسان على غيره جناية جعله بها في حكم المذبوح مثل أن قطع حلقومه ومريئه أو أبان خيشومه وأمعاؤه وجاء آخر فقده بنصفين أو ذبحه كان الأول هو القاتل وعليه القود، والثاني غير قاتل وعليه التعزير لأن الأول جعله في حكم المذبوح لأن الحياة التي فيه غير مستقرة والثاني يلزمه دية ميت.
وإذا قطع الصبي يد بالغ وبلغ الصبي وسرى القطع إلى نفس البالغ لم يكن على الصبي قود، وكذلك الحكم إذا قطع مسلم يد نصراني له ذمة ثم أسلم وسرت الجناية إلى نفسه وهو مسلم فمات أو قطع حر يد عبد ثم أعتق العبد وسرت الجناية إلى نفسه سواء في أنه لا قود في ذلك لأن التكافؤ إذا لم يكن حاصلا في وقت القطع وكان موجودا في وقت السراية لم يثبت القود في القطع ولا السراية، فإذا كان كذلك ولم يلزم فيما ذكرناه قود كان فيه الدية لأن الجناية إذا وقعت مضمونة كان الاعتبار بأرشها في حال الاستقرار.