فصل في بيان قتل الخطأ المحض:
موجب قتل الخطأ المحض الدية، ولم يخل هذا القتل: إما ثبت باعتراف القاتل أو بالبينة، فإن ثبت بالاعتراف أو بالمصالحة لزم الدية القاتل وإن ثبت بالبينة لزمت العاقلة والعاقلة من يضمن الدية.
والعاقلة أربعة: فعاقلة الحر إذا لم يوال إلى أحد ورثته إن كانت له ورثة والإمام إن لم يكن له ورثة، وعاقل المملوك والمعتق إذا لم يكن سائبة ولم يكن له وارث مولاه، وعاقلة الذمي ومن لا وارث له الإمام، وعاقلة من والى إلى غيره من له الموالاة، ولا يلزم عاقلة القاتل عمدا شئ من الدية إلا إذا هرب القاتل ولم يقدر عليه حتى مات ولم يخلف مالا.
والدية ضربان: دية نفس ودية جراحة، فدية النفس تستوفى في ثلاث سنين ودية الجراحة ضربان: إما لم يبلغ أرش الموضحة ويلزم في مال الجاني أو بلغت وتكون على العاقلة، فإن بلغت مقدار الثلث من دية النفس تستوفى في مدة سنة بعد انقضائها وإن بلغت مقدار ثلثي دية النفس تستوفى في الثلث الباقي بعد انقضاء السنة الثانية وإن زاد شئ كان في الزائد على الثلثين بعد انقضاء السنة الثالثة.
والقتل ضربان: مجهز وما يحصل بالسراية، فالأول يبتدئ الحول من وقت القتل والثاني من وقت الموت وابتداء حول الجراح من وقت الاندمال.
والعاقلة ثلاثة أضرب: غنى ومتوسط وفقير - والاعتبار بوقت الأداء دون الوجوب - والفقير لا يلزمه شئ، وإن مات الغني قبل الأداء لزم في ماله، ومن له سبب واحد يقدم عليه من له سببان، ويقدم الأقرب فالأقرب والقريب والبعيد والحاضر والغائب سواء إذا كانوا من أهل الأداء، و لا يلزم الموالي مع العصبة شئ وإنما يلزم المولى من علو إذا فقد العصبة، والعاقلة من يرث الدية سوى الوالد والولد والزوج والزوجة يرث الدية ولا يرث حق القصاص.
والذمي إذا قتل مسلما خطأ أو عمد الخطأ لم يدفع برمته، وأما عمد الخطأ فيلزم فيه الدية في ماله مغلظة وسيجئ لها بعد ذلك بيان إن شاء الله تعالى.