أنه إذا استهل بعد الولادة ثم دفن فقد وئد، وقصد بذلك أن يدفع قول من توهم أن الحامل إذا أسقطت جنينها قبل أن تلجه الروح بالتداوي فقد وأدته.
باب الزيادات:
اعلم أن الحر لا يقتل بالعبد أخذا بقوله تعالى: كتب عليكم القصاص في القتلى ، وهي مفسرة لما أبهم في قوله: النفس بالنفس، لأن تلك واردة لحكاية ما كتب في التوراة على أهلها وهذه خوطب بها المسلمون وكتب عليهم فيها.
وروي: أنه كان بين حيين دماء في الجاهلية فأقسموا لنقتلن الاثنين بالواحد والحر بالعبد فتحاكموا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله حين جاء الاسلام فنزلت وأمرهم أن يتساووا. وقوله: فمن عفي له من أخيه شئ، كقولك " سير " يريد بعض السير، ولا يصح أن يكون " شئ " في معنى المفعول به لأن عفا لا يتعدى إلى المفعول به إلا بواسطة.
و " أخوه " هو ولي المقتول، وذكره بلفظ الإخوة ليعطف أحدهما على صاحبه بذكر ما هو ثابت بينهما من الجنسية والإسلام.
فإن قيل: إن " عفا " يتعدى بعن لا باللام فما وجه قوله " فمن عفي له "؟
قلنا: يتعدى بعن إلى الجاني وإلى الذنب فيقال: عفوت عن فلان وعن ذنبه، قال تعالى:
عفا الله عنك، وقال: عفا الله عنها، فإن تعدى إلى الذنب قيل: عفوت لفلان عما جنى، كما يقال: تجاوزت له عنه، وعلى هذا فما في الآية كأنه قيل: فمن عفا له من جنايته، فاستغنى عن ذكر الجناية.
فإن قيل: هنا فسرت عفا بترك جنى يكون شئ في معنى المفعول به.
قلنا: لأن عفا الشئ إذا تركه ليس يثبت ولكن أعفاه ذمته، قوله ع أعفوا اللحى.
فإن قيل: فقد ثبت قولهم " عفا الشئ " إذا محاه فإن له فهلا فعلت معناه فمن عفا له من أخيه شئ.