" فإن تولوا " يعني بني النضير لما قالوا: لا نرضى بحكمك.
باب القتل الخطأ شبيه العمد:
اعلم أن القتل على ثلاثة أضرب:
عمد محض، وهو أن يكون عامدا بآلة تقتل غالبا كالسيف والسكين والحجر الثقيل عامدا في قصده وهو أن يقصد قتله بذلك، فمتى كان عامدا في قصده عامدا في فعله فهو العمد المحض، قال تعالى: ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم.
والثاني: خطأ محض، وهو ما لم يشبه شيئا من العمد بأن يكون مخطئا في فعله مخطئا في قصده مثل أن رمى طائرا وأصاب إنسانا فقد أخطأ في الأمرين، قال الله تعالى: ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة.
الثالث: عمد الخطأ أو شبه العمد والمعنى واحد، وهو أن يكون عامدا في فعله مخطئا في قصده، فأما كونه عامدا في فعله فهو أن يعمد إلى ضربه لكنه بآلة لا تقتل غالبا كالسوط والعصا الخفيفة، والخطأ في القصد أن يكون قصده تأديبا وزجره وتعليمه لكنه إن مات منه فهو عامد في فعله مخطئ في قصده، ويمكن أن يستدل على هذا النوع من القتل أيضا بقوله تعالى: وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ... الآية، فالخطأ شبيه العمد هو أن يعالج الطبيب غيره بما قد جرت العادة بحصول النفع عنده أو بفصده فيؤدى ذلك إلى الموت فإن هذا وما قدمناه يحكم فيه بالخطا شبيه العمد ويلزم فيه الدية مغلظة ولا قود فيه على حال.
والدية فيه يلزم القاتل نفسه في ماله خاصة وإن لم يكن له مال استسعى فيها أو يكون في ذمته إلى أن يوسع الله عليه، والدية في ذلك مائة من الإبل أثلاثا وهذه الدية تستأدى في سنتين.
وعلى هذا القاتل بعد إعطاء الدية كفارة عتق رقبة مؤمنة، فإن لم يجد كان عليه صيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع أطعم ستين مسكينا كما على قاتل الخطأ المحض لأن الآية