كتاب الجنايات وما توجبه الجنايات على ضربين: قتل وغير قتل، فالقتل على ضروب ثلاث:
عمد محض وخطأ محض وخطأ شبيه العمد.
فالعمد المحض هو ما وقع من كامل العقل عن قصد إليه بلا خلاف سواء كان بمحدد أو مثقل أو سم أو خنق أو تغريق أو تحريق، بدليل إجماع الطائفة وأيضا قوله تعالى: ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا، لأنه لم يفصل بين أن يكون القتل بمحدد أو غيره، ويحتج على المخالف بما رووه من قوله ع: ثم أنتم يا خزاعة قد قتلتم هذا القتيل من هذيل وأنا والله عاقلته فمن قتل بعده قتيلا فأهله بين خيرتين إن أحبوا قتلوا وإن أحبوا أخذوا الدية، لأنه لم يفرق أيضا.
والخطأ المحض هو ما وقع من غير قصد إليه ولا إيقاع سببه بالمقتول نحو أن يقصد المرء رمى طائر مثلا فيصيب إنسانا فيقتله، بلا خلاف.
والخطأ شبيه العمد هو ما وقع من غير قصد إليه بل إلى إيقاع ما يحصل عنده مما لم تجر العادة بانتفاء الحياة بمثله بالمقتول نحو أن يقصد المرء تأديب من له تأديبه أو معالجة غيره بما جرت العادة بحصول النفع عنده من مشروب أو فصد أو غيرهما، بدليل إجماع الطائفة، ويحتج على مالك في قوله بقوله ع: ألا إن في قتيل عمد الخطأ بالسوط والعصا مائة من الإبل، ومن طريق آخر: ألا إن دية الخطأ شبيه العمد ما كان بالسوط والعصا مائة من الإبل، وهذا نص لأن ذلك غير مختص بما رووه من قوله.