وأما ما يشبه العمد وهو عمد الخطأ: فهو أن يكون عامدا في فعله مخطئا في قصده، فأما عمده في فعله فهو أن يعمد إلى ضربه بآلة لا تقتل غالبا مثل العصا الخفيفة والسوط وما أشبه ذلك، وأما الخطأ فإنه يكون قصده تأديبه وتعليمه وزجره فيموت بذلك فهو عامد في فعله مخطئ في قصده.
فأما القتل العمد ففيه القود أو الدية وقبول الدية أولى عن الهاشمي.
وأما الدية فتنقسم بانقسام القتل:
فدية العمد المحض إذا كان القاتل من أصحاب الذهب ألف دينار جياد، وإن كان من أصحاب الفضة فعشرة آلاف درهم جياد، وإن كان من أصحاب الإبل فمائة مسنة قيمة كل واحدة منها عشرة دنانير، أو مائتا مسنة من البقرة إن كان من أصحاب البقر قيمة كل واحدة منها خمسة دنانير، أو ألف شاة إن كان من أصحاب الغنم قيمة كل واحد منها دينار واحد، أو مائتا حلة إن كان من أصحاب البز قيمة كل حلة خمسة دنانير.
فهذه دية الحر المسلم صغيرا كان أو كبيرا، ودية المرأة الحرة المسلمة النصف من ذلك صغيرة كانت أو كبيرة، فأما غير من ذكرناه من العبد والذمي وغيرهما فسيأتي ذكرها إن شاء الله تعالى.
ودية العمد تجب في مال القاتل دون غيره من جميع الناس، فإن لم يكن له مال لم يكن لأولياء الدم إلا نفسه فإما أن يقيدوا بصاحبهم وإما أن يعفوا عنه أو ينظروه حتى يوسع الله تعالى عليه، فإن تبرع انسان عنه بالدية كان جائزا.
وإن هرب القاتل ولم يقدر عليه حتى مات وكان له مال أخذت الدية من ماله، فإن لم يكن له مال أخذت من الأقرب فالأقرب من أوليائه المستحقين لميراث ديته، ولا يجوز أن يؤخذ هؤلاء بالدية مع وجود القاتل.
وقاتل العمد تجب عليه التوبة وليس يصح منه إلا بعد أن يسلم نفسه إلى أولياء المقتول ويعترف بالقتل، فإن شاؤوا بعد ذلك أقادوه بصاحبهم وإن شاؤوا عفوا عنه وقبلوا منه الدية أو صالحوه على ما يرضون، فإن لم يقيدوه بصاحبهم كان عليه بعد