من مال الزكاة، ومتى أقر بعض الورثة بالدين لزم في حصته بمقدار ما يصيبه من أصل التركة، فإن شهد نفسان منهم وكانا عدلين مرضيين أجيزت شهادتهما على باقي الورثة وإن لم يكونا كذلك ألزما في حصتهما بمقدار ما يصيبهما حسب ما قدمناه ولا يلزمهما الدين على الكمال.
ومن مات وعليه دين يستحب لبعض إخوانه أن يقضي عنه وإن قضاه من سهم الغارمين من الصدقات كان ذلك جائزا حسب ما قدمناه، وإذا لم يخلف الميت إلا مقدار ما يكفن به سقط عنه الدين وكفن بما خلف فإن تبرع انسان بتكفينه، كان ما خلفه للديان دون الورثة، وإن قيل انسان وعليه دين وجب أن يقضي ما عليه من ديته سواء كان قتله عمدا أو خطأ، فإن كان ما عليه يحيط بديته وكان قد قتل عمدا لم يكن لأوليائه القود إلا بعد أن يضمنوا الدين عن صاحبهم فإن لم يفعلوا ذلك لم يكن لهم القود على حال وجاز لهم العفو بمقدار ما يصيبهم، وإذا تبرع انسان بضمان الدين عن الميت في حال حياته أو بعد وفاته برئت ذمة الميت سواء قضى ذلك المال الضامن أو لم يقض إذا كان صاحب الدين قد رضي به، فإن لم يكن قد رضي به كان في ذمة الميت على ما كان.
ومن مات وعليه دين مؤجل حل أجل ما عليه ولزم ورثته الخروج مما كان عليه، وكذلك إن كان له دين مؤجل حل أجل ماله وجاز للورثة المطالبة به في الحال، ومتى مات وعليه دين لجماعة من الناس تحاصوا ما وجد من تركته بمقدار ديونهم ولم يفضل بعضهم على بعض، فإن وجد واحد منهم متاعه بعينه عنده وكان للميت مال يقضى ديون الباقين عنه رد عليه ولم يحاصه باقي الغرماء، وإن لم يتخلف غير ذلك المتاع كان صاحبه وباقي الغرماء فيه سواء وكذلك لو كان حيا والتوى على غرمائه رد عليه ماله ولم يحاصه باقي الغرماء، وإذا مات من له الدين فصالح المدين ورثته على شئ مما كان عليه كان ذلك جائزا وتبرأ بذلك ذمته إذا أعلمهم مقدار ما عليه من المال ورضوا بمقدار ما صالحوه عليه، ومتى لم يعلمهم مقدار ما عليه أو لم يرضوا به لم يكن ذلك الصلح جائزا.