حماه عن عفن فيجب أن يقل فصده ليبقى لتحليل الحمى عدة فان لم تكن شديدة الالتهاب وكانت عفنة فانظر إلى القوانين العشرة ثم تأمل القارورة فان كان الماء غليظا إلى الحمرة وكان أيضا النبض عظيما والسحنة منتفخة وليس يبادر الحمى في حركتها فافصد على وقت خلاء من المعدة عن الطعام واما ان كان الماء رقيقا أو ناريا أو كانت السحنة منخرطة منذ ابتداء المرض فإياك والفصد وان كان هناك فترات للحمى فليكن الفصد واعتبر حال النافض فان كان الناقض قويا فإياك والفصد وتأمل لون الدم الذي يخرج فان كان رقيقا إلى البياض فاحبس في الوقت وتوق في الجملة لئلا يجلب على المريض أحد أمرين تهييج الأخلاط المرارية وتهييج الأخلاط الباردة وإذا وجب أن يفصد في الحمى فلا يلتفت إلى ما يقال انه لا سبيل إليه بعد الرابع فسبيل إليه ان وجب ولو بعد الأربعين هذا رأى جالينوس على أن التقديم والتعجيل أولى إذا صحت الدلائل فان قصر في ذلك فأي وقت أدركته ووجب فافصد بعد مراعاة الأمور العشرة وكثيرا ما يكون الفصد في الحميات وان لم يكن يحتاج إليه مقويا للطبيعة على المادة بتقليلها هذا إذا كانت السحنة والسن والقوة وغير ذلك ترخص فيه وأما الحمى الدموية فلابد فيها من استفراغ بالفصد غير مفرط في الابتداء ومفرط عند النضج وكثيرا ما أقلعت في حال الفصد ويجب أن يحذر الفصد في المزاج الشديد البرد والبلاد الشديدة البرد وعند الوجع الشديد وبعد الاستحمام المحلل وبعقب الجماع وفي السن القاصر عن الرابع عشر ما أمكن وفي سن الشيخوخة ما أمكن اللهم الا ان تثق بالسحنة واكتناز العضل وسعة العروق وامتلائها وحمرة الألوان فهؤلاء من المشايخ والاحداث نتجرأ على فصدهم والاحداث يدرجون قليلا قليلا بقصد يسير ويجب أن يحذر الفصد في الأبدان الشديدة القضافة والشديدة السمن والمتخلخلة والبيض المترملة والصفر العديمة الدم ما أمكن وتتوقاه في أبدان طالت عليها الأمراض الا أن يكون فساد دمها يستدعى ذلك فافصد وتأمل الدم فان كان أسود ثخينا فاخرج وان رأيته أبيض رقيقا فسد في الحال فان في ذلك خطرا عظيما ويجب ان تحذر الفصد على الامتلاء من الطعام كي لا تنجذب مادة غير نضيجة إلى العروق بدل ما تستفرغ وان تتوقى ذلك أيضا على امتلاء المعدة والمعي من الثفل المدرك أو المقارب بل تجتهد في استفراغه اما من المعدة وما يليها فبالقئ واما من الأمعاء السفلى فبما يمكن ولو بالحقنة وتتوقى فصد صاحب التخمة بل تمهله إلى أن تنهضم تخمته وصاحب ذكاء حس فم المعدة أو ضعف فمها أو الممنو بتولد المرار فيها فان مثله يجب أن يتوقى التهور في فصده وخصوصا على الريق أما صاحب ذكاء حس فم المعدة فتعرفه بتأذيه من بلع اللذاعات وصاحب ضعف فم المعدة تعرفه من ضعف شهوته وأوجاع فم معدته وصاحب قبول فم معدته للمرار والكثير تولدها فيها تعرفه من دوام غثيانه ومن قيئه المرار كل وقت ومن مرارة فمه فهؤلاء إذا فصدوا من غير سبق تعهد لفم معدتهم عرض من ذلك خطر عظيم وربما هلك منهم بعضهم فيجب أن يلقم صاحب ذكاء الحس وصاحب الضعف لقما من خبز نقى مغموسة في رب حامض طيب الرائحة وان كان الضعف من مزاج بارد فمغموسة في مثل ماء السكر بالأفاويه أو شراب النعناع الممسك أو الميعة الممسكة ثم يفصد وأما صاحب تولد المرار فيجب أن يتقيأ بسقي ماء حار كثير مع السكنجبين ثم يطعم لقما ويراح يسيرا ثم يفصد ويحتاج ان يتدارك بدل ما يتحلل من الدم الجيد ان كان قويا
(٢٠٦)