ومن هذه الأوردة الوداجان وهما اثنان يفصدان عند ابتداء الجذام والخناق الشديد وضيق النفس والربو الحاد وبحة الصوت في ذات الرئة والبهق الكائن من كثرة دم حار وعلل الطحال والجنبين ويجب على ما خبرنا عنه قبل أن يكون فصدهما بمبضع ذي شعرة وأما كيفية تقييده فيجب أن يميل فيه الرأس إلى ضد جانب الفصد ليثور العرق ويتأمل الجهة التي هي أشد زوالا فيؤخذ من ضد تلك الجهة ويجب أن يكون الفصد عرضا طولا كما يفعل بالصافن وعرق النسا ومع ذلك فيجب أن يقع فصده طولا ومنها العرق الذي في الأرنبة وموضع فصده هو المتشقق من طرفها الذي إذا غمز عليه بالإصبع تفرق باثنين وهناك يبضع والدم السائل منه قليل وينفع فصده من الكلف وكدورة اللون والبواسير والبثور التي تكون في الانف والحكة فيه لكنه ربما أحدث حمرة لون مزمنة تشبه السعفة ويفشو في الوجه فتكون مضرته أعظم من منفعته كثيرا والعروق التي تحت الخششا مما يلي النقرة نافع فصدها من السدر الكائن من الدم اللطيف والأوجاع المتقادمة في الرأس ومنها لاجهاررك وهي عروق أربعة على كل شقة منها زوج فينفع فصدها من قروح الفم والقلاع وأوجاع اللثة وأورامها واسترخائها أو قروحها والبواسير والشقوق فيها ومنها العرق الذي تحت اللسان على باطن الذقن ويفصد في الخوانيق وأورام اللوزتين ومنها عرق تحت اللسان نفسه يفصد لثقل اللسان الذي يكون من الدم ويجب أن يفصد طولا فان فصد عرضا صعب أرقاء دمه ومنها عرق عند العنفقة يفصد لليخر ومنها عرق اللثة يفصد في معالجات فم المعدة وأما الشرايين التي في الرأس فمنها شريان الصدغ قد يفصد وقد يبتر وقد يسل وقد يكوى ويفعل ذلك لحبس النوازل الحادة اللطيفة المنصبة إلى العينين ولابتداء الانتشار والشريانان اللذان خلف الاذنين ويفصدان لا نوع الرمد وابتداء الماء والغشاوة والعشا والصداع المزمن ولا يخلو فصدهما عن خطر ويبطؤ معه الالتحام وقد ذكر جالينوس أن مجروحا في حلقه أصيب شريانه وسال منه دم بمقدار صالح فتداركه جالينوس بدواء الكندر والصبر ودم الأخوين والمر فاحتبس الدم وزال عنه وجع مزمن كان به في ناحية وركه ومن العروق التي تفصد في البدن عرقان على البطن أحدهما موضوع على الكبد والآخر موضوع على الطحال ويفصد الأيمن في الاستسقاء والأيسر في علل الطحال واعلم أن الفصد له وقتان وقت اختيار ووقت ضرورة فالوقت المختار فيه ضحوة النهار بعد تمام الهضم والنفض وأما وقت الاضطرار فهو الوقت الموجب الذي لا يسوغ تأخيره ولا يلتفت فيه إلى سبب مانع واعلم أن المبضع الكال كثير المضرة فإنه يخطئ فلا يلحق ويورم ويوجع فإذا أعملت المبضع فلا تدفعه باليد غمزا بل برفق بالاختلاس لتوصل طرف المبضع حشو العروق وإذا أعنفت فكثيرا ما ينكسر رأس المبضع النكسارا خفيا فيصير زلاقا يجرح العرق فان ألححت بفصدك زدت شرا ولذلك يجب أن يجرب كيفية علوق المبضع بالجلد قبل الفصد به وعند معاودة ضربه ان أردتها واجتهد أن تملأ العرق وتنفخه بالدم فحينئذ يكون الزلق والزوال أقل فإذا استعصى العرق ولم يظهر امتلاؤه تحت الشد فحله وشده مرارا وامسحه وانزل في الضغط واصعد حتى تنبهه وتظهره وتجرب ذلك بين قبض إصبعين على موضع من المواضع التي تعلم امتداد العروق فبهما تحبس وتارة تحبس بأحدهما وتسيل الدم
(٢١١)