بهم ورم ومن يكون به ورم ويخاف انفجاره قبل النضج فإنه يفتصد وان لم يحتج إليه ولم تكن كثرة ويجب أن تعلم أن هذه الأمراض ما دامت مخوفة ولم يوقع فيها فان إباحة القصد فيها أوسع فان وقع فيها فليترك في أوائلها الفصد أصلا فإنه يرقق الفضول ويجريها في البدن ويخلطها بالدم الصحيح وربما لم يستفرغ من المحتاج إليه شيئا وأحوج إلى معاودات مجحفة فإذا ظهر النضج وجاوز المرض الابتداء والانتهاء فحينئذ ان وجب القصد ولم يمنع مانع فصد ولا يفصدن ولا يستفرغن في يوم حركة المرض فإنه يوم راحة ويوم طلب النوم والثوران للعلة وإذا كان المرض ذا بحرانات في مدته طول ما فليس يجوز أن تستفرغ دما كثيرا أصلا بل إن أمكن أن يسكن فعل وان لم يكن فصد واخرج دما قليلا وخلف في البدن عدة دم لفصدات ان سنحت ولحفظ القوة في مقاومة البحرانات وإذا اشتكى في الشتاء بعيد العهد بالفصد تكسيرا فليفصد وليخلف دما للعدة والفصد يجذبه إلى الخلاف تحبس الطبيعة كثيرا وإذا ضعفت القوة من الفصد الكثير تولدت أخلاط كثيرة والغشى يعرض في أول الفصد لمفاجأة غير المعتاد وتقدم القئ مما يمنعه وكذلك القئ وقت وقوعه واعلم أن الفصد مثير إلى أن يسكن والفصد والقولنج قلما يجتمعان والحلبي والطامث لا تفصدان الا لضرورة عظيمة مثل الحاجة إلى حبس نفث الدم القوى ان كانت القوة متواتية والأولى والا وجب أن لا تفصد الحبلى بتة إذ يموت الجنين ويجب ان تعلم أنه ليس كلما ظهرت علامات الامتلاء المذكورة وجب الفصد بل ربما كان الامتلاء من أخلاط نية وكان الفصد ضارا جدا فإنك ان فصدت لم ينضج وخيف ان يهلك العليل واما من يغلب عليه السوداء فلا بأس بان يفصد إذا لم يستفرغ بالاسهال بعد مراعاة حال اللون على الشرط الذي سنذكره واعتبار التمدد فان فشو التمدد في البدن يفيد الحدس وحده بوجوب الفصد وأما من يكون دمه المحمود قليلا وفي بدنه أخلاط رديئة كثيرة فان الفصد يسلبه الطيب ويختلف فيه الردئ ومن كان دمه رديئا وقليلا أو كان مائلا إلى عضو يعظم ضرر ميله إليه ولم يكن بد من فصد فيجب أن يؤخذ دمه قليلا ثم يغذى بغذاء محمود ثم يفصد كرة أخرى ثم يفصد في أيام ليخرج عنه الدم الردئ ويخلف الجيد فان كانت الأخلاط الرديئة فيه مرارية احتيل في استفراغها أولا بالاسهال اللطيف أو القئ أو تسكينها واجتهد في تسكين المريض وتوديعه وان كانت غليظة فقد كان القدماء يكلفونهم لاستحمام والمشي في حوائجهم وربما سقوهم قبل الفصد وبعده قبل التثنية السكنجبين الملطف المطبوخ بالزوفا والحاشا وإذا اضطر إلى فصد مع ضعف قوه لحمي أولا خلاط أخرى ردية فليفرق الفصد كما قلنا والفصد الضيق أحفظ للقوة لكنه ربما أسال اللطيف الصافي وحبس الكثيف الكدر وأما الواسع فهو أسرع إلى الغشي وأعمل في التنقية وأبطأ اندمالا وهو أولى لمن يفصد للاستظهار وفي السمان بل التوسيع في الشتاء أولى لئلا يجمد الدم والتضييق في الصيف أولى ان احتيج إليه وليفصد المفصود وهو مستلق فان ذلك أحرى أن يحفظ قوته ولا يجلب إليه الغشي واما في الحميات فيجب أن يجتنب الفصد في الحميات الشديدة الالتهاب وجميع الحميات غير الحادة في ابتدائها وفي أيام الدور ويقلل الفصد في الحميات التي يصحبها تشنج وان كانت الحاجة إلى الفصد واقعة لان التشنج إذا عرض أسهر وأعرق عرقا كثيرا وأسقط القوة فيجب أن يبقى لذلك عدة دم وكذلك من فصد محموما ليس
(٢٠٥)