من الدم فالفصد هو المحتاج إليه في تنقيته دون الاسهال فإذا أوجبت الضرورة فصدا أو استفراغا بمثل الخربق والأدوية القوية فيجب أن يبدأ بالفصد هذا من وصايا ابقراط في كتاب ايديميا وهو الحق وكذلك إذا كانت الأخلاط البلغمية مختلطة بالدم ولكن إذا كانت الأخلاط لزجة باردة فربما زادها القصد غلظا ولزوجة فالواجب أن يبدأ بالاسهال وبالجملة ان كانت الأخلاط متساوية قدم الفصد فان غلب خلط بعد ذلك استفرغ وان كانت غير متساوية استفرغ أولا الفضل حتى يتساوى ثم يفصد ومن قدم الدواء على الفصد وكان ينبغي الفصد فليؤخر الفصد أياما قلائل ومن كان قريب العهد بالفصد واحتاج إلى استفراغ فشرب الدواء أوفق له وكثيرا ما أوقع شرب الدواء الواجب كان فيه الفصد في حمى واضطراب فان لم يسكن بالمسكنات فليعلم انه كان يجب أن يقدم عليه الفصد وليس كل استفراغ يحتاج إليه لفرط الامتلاء بل قد يدعو إليه عظم العلة والامتلاء بحسب الكيفية والكمية وكثيرا ما يغنى تحسين التدبير عن الفصد الواجب في الوقت وكثيرا ما يدعو الداعي إلى الاستفراغ فيعارضه عائق فلا تكون الحيلة فيه الا الصوم والنوم وتدارك سوء مزاج يوجبه الامتلاء ومن الاستفراغ ما هو على سبيل الاستظهار مثل ما يحتاج إليه من يعتاده النقرس أو الصرع أو غير ذلك في وقت معلوم وخصوصا في الربيع فيحتاج أن يستظهر قبل وقته ويستفرغ الاستفراغ الذي يخص مرضه كان فصدا أو اسهالا وربما كان استعمال المجففات من خارج والأدوية الناشفة استفراغا مثل ما يفعل بأصحاب الاستسقاء وقد يحوجك الامر إلى استعمال دواء مجانس للخلط المستفرغ في الكيفية كالسقمونيا عند حاجتك إلى استفراغ الصفراء فيجب حينئذ أن يخلط به ما يخالفه في الكيفية ويوافقه في الاسهال أو لا يمنعه عن الاسهال كالهليلج ويتدارك سوء المزاج ان حدث عنه من بعد وأصحاب أورام الأحشاء فيضعف اسهالهم وقيأهم فان اضطررت إلى ذلك فاستعمل لهم مثل اللبلاب والقرطم والبسفايج والخيار شنبر ونحو ذلك فان ابقراط يقول من كان قضيفا سهل إجابة الطبيعة إلى القئ فالأولى في تنقيته أن يستعمل القئ في صيف أو ربيع أو خريف دون شتاء ومن كان معتدل السحنة فالاسهال أولى به فان دعا إلى استفراغه بالقئ داع فلينتظر به الصيف ويتوقاه في غير موضع الحاجة ويجب أن يتقدم قبل الاسهال والقئ بتلطيف الخلط الذي يريد استفراغه وتوسيع المجاري وفتحها فان ذلك يريح البدن من التعب واعلم أن تعويد الطبيعة لينا وإجابة إلى ما يراد من اسهال أو قئ بسهولة قبل استعمال الدواء القوى من إحدى التدابير المفلحة والاسهال والقئ لأصحاب هزال المراق صعب متعب خطر والدواء المقيئ قد يعود مسهلا إذا كانت المعدة قوية أو شرب على شدة جوع أو كان الشارب ذريا أو لين الطبيعة أو غير معتاد للقئ أو كان الدواء ثقيل الجوهر سريع النزول والمسهل يصير مقيئا لضعف المعدة أو لشدة يبوسة الثفل أو لكون الدواء كريها وكون صاحبه ذا تخم وكل دواء مسهل إذا لم يسهل أو أسهل غير نضيج فإنه يحرك الخلط الذي يسهل ويثيره في البدن فيستولى على البدن ويستحيل إليه أخلاط أخرى فيكثر ذلك الخلط في البدن ومن الأخلاط ما هو سريع الإجابة إلى القئ في أكثر الامر كالصفراء ومنها ما هو مستعص على القئ كالسوداء ومنها ماله حال وحال كالبلغم والمحموم اسهاله أصوب من تقيئه ومن كان خلطه
(١٩٥)